خصائص وسمات للهبة الحالية..
هو ديدن الشعب الفلسطيني منذ عشرات السنين، لا يكاد يمر عليه بضع سنوات حتى ينطلق في هبة جديدة من مقاومة الاحتلال، كانت شاملة على شكل انتفاضة، او محدودة على شكل هبة، أو حتى مركزة على شكل معركة. ولكل هبة أو انتفاضة ميزاتها وسماتها التي ميزتها عن غيرها. وقد كتبنا مقالا سابقا بينا فيه فروقا بين هذه الهبة من جهة وبين انتفاضة الحجارة وانتفاضة الأقصى وهبة القدس من جهة ثالثة، مما يقتضي عدم التكرار. لكني أردت أن الفت الى بعض السمات الجزئية التي أصبحت طابعا مميزا لهذه الهبة، وأجملها بالاتي:
1/ تحول بعض الأماكن الهادئة الى بؤر ساخنة. واذا أردنا ان نخصص فإننا نذكر على سبيل المثال منطقتين يبرز التغير فيهما، هما: قرية حوارة في نابلس، ومخيم عقبة جبر في أريحا. فقد كانت قرية حوارة مثالا للقرية الفلسطينية التي يمكن للمستوطنين أن يدخلوها ليتناولوا الطعام في مطاعمها ويغسلوا أو يصلحوا سياراتهم في حراجاتها، ويتسوقوا من محالها التجارية ثم يمضوا بهدوء. في هذه الهبة أصبحت حوارة عنوانا للعمليات الفردية المؤثرة التي، حتى ما نافستها قرية في الضفة الغربية في ذلك. أما مخيم عقبة رجبر وأريحا عموما فقد كان الاحتلال متمكنا منها تماما، ثم سيطرت عليها السلطة الفلسطينية كأول بلد تدخله في الضفة الغربية، فأحكمت قبضها عليها بصورة فريدة. الان أصبح عقبة جبر وأريحا وكذا الأغوار بؤر توتر وأماكن تواجد للمسلحين وللعمل المقاوم المؤثر.
2/ قدرة المقاومة على مناطق شبه امنة تنطلق منها، أو على الأقل تحمي نفسها فيها. هذه المناطق شكلت بديلا عن مناطق (أ) التي ساهمت في اذكاء المقاومة في الانتفاضة الأولى. فهي أولا ملاذ امن للمقاومين، وكذلك لمقدرات المقاومة، كما انها تعطي فرصة لتوارث الخبرات بينما لا يمكن ذلك في الأماكن المفتوحة.
3/ تشكيل أجسام عسكرية، وبأسماء جديدة. كمسمى عرين الأسود وكتيبة جنين ونور شمس وطولكرم و..... ومعظم مدن ومخيمات الضفة. هذه الأجسام التي وإن كان بعضها يتبع فصيلا بعينه وبعضها يتبع فصيلا اخر الا أن المشاركة الجماعية حاضرة فيها، وهذا ما لا تخطؤه العين.
4/ استخدام ال ام (16) بدل (الكارلو). كان سلاح الكارلو في الجولة السابقة يسمونه "سلاح المقاومة" ذلك ان الغالبية الساحقة من المقاومين استخدموا الكارلو المصنع في عملياتهم، فهو سلاح رخيص ومتوفر ويسهل الحصول عليه، أما في هذه الجولة فلا تكاد ترى الكارلو حاضرا. دلالة ذلك ان فصائل المقاومة هي التي تقف وراء تسليح هذه المجموعات بعكس الجولة السابقة. فليس من السهل على شخص بمفرده وفي الواقع الاقتصادي الفلسطيني الصعب أن يمتلك سلاحا بعشرات الاف الشواقل.
5/ الجمع بين الفردي والجماعي. في الانتفاضة الأولى كان العمل شعبيا بامتياز، وفي الجولة الثانية كان العمل تنظيميا في الغالب الاعم، وفي هبة القدس كان الجهد فرديا. هذه المرة بدأ العمل فرديا ثم بدأت البصمة التنظيمية تظهر عليه وان من الخلف من خلال الدعم والتوجيه.
هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية كان العمل فرديا في معظم العمليات ، الا أنه كان جماعيا في "الأماكن الامنة"، وبالتالي جمع بين الفردي والجماعي وبين الشخصي والمساندة التنظيمية...