مواقع التواصل الاجتماعي والقضية الفلسطينية

 

يعتبر الكيان الاسرائيلي من رواد مستخدمي الدبلوماسية الرقمية، إذ احتل المركز الثامن عالميا في تقرير الدبلوماسية الرقمية 2016 ،لقد وظفت وزارة خارجية هذا الكيان عام 2015 أكثر من 75 موظفا ومتطوعا و8 مستشارين في قسم الدبلوماسية الجماهيرية، إضافة إلى 30 موظفا في القسم نفسه، منتشرون حول العالم كما تشرف ذات الوزارة عبر قسم الدبلوماسية الرقمية على أكثر من 350 قناة رقمية واجتماعية على شبكة الانترنت، وما يقارب 20 موقعا الكترونيا باللغة العربية والانجليزية والفارسية والروسية وغيرها، إلى جانب أكثر من 80 موقعا تابعا لمكتب التمثيل الدبلوماسي حول العالم. كل ذلك لتحقيق غايات منها تحسين صورة إسرائيل أمام الجمهور العربي والعالمي، حيث أن الكثير من محتوى المنصات الرقمية له طابع انساني وثقافي وفني. 

يعرف نشاط الدبلوماسية الرقمية بفلسطين محدودية، بحكم الاحتلال من جهة والانقسام الداخلي الذي تعرفه السلطة السياسية، حيث احتلت فلسطين المركز 72 عالميا، وهو مركز متأخر في سلم الدبلوماسية الرقمية، وحسب الباحث المتخصص في الإعلام الرقمي عمار جمهور فإن كثيرا من الدبلوماسيين الفلسطينيين لا يعرفون الدبلوماسية الرقمية ولا أهميتها ومغزاها ومرادها الحقيقي...إذ لم يتم التطرق لها في خطط الحكومة الفلسطينية أو خطط وزارة 11 الخارجية وبرامجها. 

ومن خلال هذه المقارنة السريعة بين نشاط الدبلوماسية الرقمية "الإسرائيلية" والفلسطينية الرسمية، نجد حجم الضعف الفلسطيني الرسمي، ولعل ادخال الدبلوماسية الشعبية الرقمية الفلسطينية الى ميدان المواجهة ممكن ان يعوّض جزء من التقصير الرسمي، خاصة وان الدبلوماسية الرقمية الشعبية متاحه لكافة الشباب الفلسطيني، وبالإمكان تحويل منصات التواصل الاجتماعي الى منصات للخطاب الفلسطيني أمام الرأي العام، وفرصة لممارسة النضال الوطني الشعبي في الفضاء الالكتروني.إضافة الى كسب دعم وتأييد الرأي العام العالمي ومساندة القضية الفلسطينية، والدفاع عن القضية الفلسطينية، إضافة للمطالبة بالحق الفلسطيني وفق كل الاتفاقات الدولية.

 

ماذا قدمت مواقع التواصل الاجتماعي للقضية الفلسطينية؟

- قدّمت مواقع التواصل الاجتماعي القضية لشعوب العالم وجعلتهم على اطلاع مباشر على القضية

- أبقت القضية الفلسطينية قضية حية

- نقلت مواقع التواصل الاجتماعي الاخبار اليومية لفلسطين

- خلقت حملات تضامن ودعم في قضايا مختلفة

- عقد ندوات ولقاءات دولية عبر تقنيات الانترنت تناولت قضية الفلسطينية والرواية الفلسطينية.

- خلق رأي عام داعم للرواية الفلسطينية

- مواجهة وتكذيب الرواية الإسرائيلية

 

صور من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لإبراز الرواية الفلسطينية:

عمل عدد من النشطاء الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي كممثلين رسميين للقضية الفلسطينية، ونشر الرواية الفلسطينية وتكذيب الرواية "الإسرائيلية" ومن الأمثلة عليهم:

عيسى عمرو:

ناشط حقوق الإنسان فلسطيني. أسس وشارك في المجموعة الشعبية «شباب ضد المستوطنات» وكان منسقًا لها. يدعو إلى استخدام المقاومة السلمية والعصيان المدني ضد الاستيطان الذي يركز على مدينة الخليل. في عام 2010، أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على أنه عيسى عمرو والمدافع عن حقوق الإنسان للعام في فلسطين.

فرح بكر:

فتاة فلسطينية من قطاع غزة، صنفتها مجلة "فورين بوليسي" الامريكية، انها من أكثر الأشخاص تأثيرا في العالم لعالم 2014، حيث عملت على توثيق الاحداث والجرائم الإسرائيلية في حربها على غزة، ونشرت فرح على مواقع التواصل الاجتماعي باللغة الإنجليزية. 

حملة اهبد 194:

أطلق مجموعة من الشبان في غزة حملة "اهبد "على مواقع التواصل الاجتماعي، لكشف التزييف الإسرائيلي للقضايا الفلسطينية منذ النكبة الفلسطينية ولغاية اللحظة، وفضحه أمام المتابعين لأهم الحسابات الإسرائيلية وبعض الشخصيات المؤيدة لإسرائيل.وتتلخص الحملة -التي يقودها شبان من غزة-في ملاحقة المنشورات والتغريدات على مواقع التواصل التي تخدم رواية الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، عبر حسابات إسرائيلية وأخرى لقيادات دولية ووسائل إعلام تعطي الاحتلال الإسرائيلي مساحة كبيرة لروايته .

واستطاع الفلسطينيون استخدام 25 لغة رسمية عالمية للرد على المحتوى ونقل الرواية الفلسطينية، وذلك بفضل جهود متطوعين من خارج فلسطين من أصول فلسطينية انضموا للحملة لنصرة الرواية الفلسطينية في عمليات "الهبد الإلكتروني" لكشف الحقيقة، إذ يترجمون المحتوى الذي يتبع بعض الصفحات الإعلامية وبعض النشطاء الذين يدعمون إسرائيل، إلى جانب مساندة النشطاء الفلسطينيين من خلال ترجمة محتواهم بلغة صاحب الحساب. 

مؤسسة الدراسات الفلسطينية:

قامت مؤسسة الدراسات الفلسطينية بتجميع عدد من قواعد البيانات، ومجموعات الوثائق المتعلقة بقضية فلسطين، والتي تشكل مصدراً غنياً بالمعلومات للباحثين والدارسين. وأعدت، بالتعاون مع المتحف الفلسطيني، مشروع الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية. وهناك موارد إلكترونية أُخرى تتضمن: جدولاً للأحداث اليومية المتعلقة بفلسطين منذ سنة 1982؛ مرصداً للنشاط الاستيطاني الإسرائيلي يحتوي على وثائق وخرائط، تتعلق بالنشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي المحتلة؛ قرارات الكونغرس الأميركي وبياناته الخاصة بالصراع العربي -الإسرائيلي؛ نشرة إخبارية يومية تضم مختارات من الصحف العبرية؛ بالإضافة إلى الأرشيف الإلكتروني للتاريخ الاجتماعي في فلسطين الذي يشمل وثائق تاريخية، وأوراقاً خاصة تعود إلى شخصيات تاريخية بارزة. وتعمل المؤسسة على الحصول على مجموعة من الموارد الأصلية الأُخرى، ونشرها، وإتاحتها رقمياً للمستخدمين. 

 

التحديات

أولا – الموسمية: يلاحظ في العمل بالفضاء الرقمي موسمية العمل، وموسمية الحملات، وارتباطها بالأحداث الجارية في الميدان، الأمر الذي يجعل من الحملات مقصورة على فترات زمانية محدودة.

ثانيا - قوانين النشر- ملاحقة المحتوى الفلسطيني :هناك وحدات الإلكترونية محترفة لدى سلطات الاحتلال تتبع الاجهزة الامنية الاسرائيلية تقوم برصد المحتوى الفلسطيني والتبليغ عنه مما يتسبب في اختلال التوازن لعدم امتلاك الفلسطينيين لهذه الأساليب على وسائل التواصل الاجتماعي بينما يؤثر سلبا استمرار إغلاق الصفحات وملاحقة المحتوى الفلسطيني على حرية الرأي والتعبير كما أنه يؤثر سلباً على قيم التواصل الاجتماعي لأنها باختصار تندرج في إطار كتم الأصوات وقمع الحريات العامة .ادارة هذه الشركات تتعمد إغلاق عشرات الصفحات الفلسطينية الشخصية دون سبب واضح في أغلب الأحيان ودون تنبيه لهذه الصفحات كما هي القوانين المتبعة والمعروفة لديهم حيث تحولت منصات التواصل الاجتماعي من منصات للوعي والتبادل المعرفي إلى منصات أمنية تتخذ إجراءات تخدم سياسات حكومة الاحتلال وأجهزة مخابراتها وتتنافى مع منظومة حقوق الإنسان العالمية وفي ظل وجود المئات من المواقع الإسرائيلية التحريضية التي تنتشر على تلك الشبكات دون أن يتخذ بحقها أي إجراء وهذا يدلل أن هناك سياسة الكيل بمكيالين ويؤكد أن ما تقوم به هذه الشركات يخالف كل القوانين وينتهك بشكل واضح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .

ثالثا -عدم القدرة على ضبط المحتوى: نتيجة اتساع عالم الانترنت، وعدم وجود ضوابط.

رابعا -من سلبيات التواصل الاجتماعي استهلاك الندوات والمؤتمرات الافتراضية على الزوم والفيس بوك لايف مثلا حتى صارت بلا معنى لمجانية الفعالية وسهولة بثها وعدم تحمل المسؤولية عما يقوله المشاركون ولعدم الالتزام بإخراج اوراق عمل رسمية وتحضيرات حقيقية. 

خامسا-عدم وجود استراتيجية عمل واضحة.

أخيرا:

أُطلقت عشرات الصفحات والمجموعات والحملات على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تحمل الرواية والسردية الفلسطينية، كان الهدف من ذلك رفع الوعي في أوساط الرأي العام بمعاناة الفلسطينيين وظروف معيشتهم وحقهم التاريخي، وخلق حالة تضامن ورأي عام داعم للفلسطينيين.

اسـتطاع الفلسـطينيون اسـتخدام الانترنـت والهاتـف الخلـوي ووسـائل التواصـل الاجتماعـي بقـدرة عاليـة، ودأب كبيـر. وهنـاك أمثلـة حظيـت بنـوع مـن الاعتـراف العالـي فـي هـذا الصـدد، حـاول الفلسـطينيون تنظيـم صفوفهـم فـي أكثـر مـن مرحلـة والـرد بعمـل شـعبي ولكـن منظـم.

حقق النشطاء نجاحات في الفضاء الرقمي فيما يخص القضية الفلسطينية وهناك حملات شارك بها ملايين الأشخاص من مختلف بقاع الأرض لكن لا يوجد استمرارية في العمل، إضافة الى بعض الإشكالات والتحديات.