دلالات الجنائز
مشهد شبه يومي في الواقع الفلسطيني، يتكرر أحيانا في اليوم الواحد في عدة محافظات ..
لا تخلو منه محافظة ولا مدينة ولا مخيم بل والكثير من قرى الأرياف الفلسطينية. حدث يشترك فيه الجمهور الفلسطيني باندفاعة وحرقة، يخرجون اليه بتلقائية وعفوية، يشارك فيه عامة الناس وقياداتهم وفصائلهم. يأتي كل بنية، وإن كان الهدف العام هو التفاعل مع هذا الحدث المؤثر.
يرى به الفلسطيني فخرا، فيشارك وهو يدرك تلك القيمة ، ويرى به الفصيل فرصة للتواجد في قلب الحدث، فيشارك وهو يسعى إلى التأثير. ويرى فيه القيادي انه يرفع الشأن، فيحرص على عدم الغياب.
النجم الألمع فيه هو الشهيد، فترى الناس تتمسح به وتقرب من عائلته وتهتف باسمه وترفع صوره وتتغنى بأمجاده..
هذا الحدث على تكراره، وعلى أهميته، على علو مكانته يحمل دلالات ومؤشرات، فهو يتحسس نبض الشارع، ويشخص توجهاته، ويقيس انتماءه، ويعرف اهتماماته، ويتبين من يحب ومن يكره...
# هل رأيت جنائز الشهداء تهتف لبطولات المقاومة ام للعملية السلمية...؟!
# أرأيت المشاركين يهتفون للشهداء والمقاومين ورموز المقاومة أم للمطبعين والمستسلمين...؟!
# أم انك تسمع الجمهور يدعو للثأر والانتقام أم أنك سمعتهم ينادون للمسامحة والاكتفاء بالاحتجاج...؟!
إن جنائز الشهداء لهي استفتاء شعبي على النهج الذي يجب أن تتبعه القيادة الفلسطينية على اختلاف توجهاتها وساحاتها...
إنها المكان الذي يجب أن تقصده كل القيادة الفلسطينية ليس فقط لتقوم بالواجب _ وهذا مهم _ بل أيضا لتستلهم النهج الذي يجب أن تسلكه ولكي تعرف حجم حب شعبها لها أو بغضه لها.
إنها المكان الذي تجري فيه الاستفتاءات الشعبية الحقيقية!