وقفات مع سيرة حياة

سعيد النورسي ... رجل العزيمة 

بقلم ثامر سباعنه

مركز الميدان للدراسات والاستشارات

 

بطاقة تعريفية:

سعيد النورسي المعروف بـ «بديع الزمان النورسي»

مواليد 12 مارس 1876

الوفاة 23 مارس 1960 (عمر 82–83)

أحد أبرز علماء الإصلاح الديني والاجتماعي في عصره.. ولد في قرية نورس ببلاد الأكراد في فترة "الخلافة العثمانية".

 

صاحب العزيمة :

(( الأحلام مقيده بهمم أصحابها ))  كلما أردنا أن نحث الهمم ونجدد العزيمه بقلوب الناس بحثنا بتاريخ الغرب وتحدثنا عن شخصيات أجنبيه وكأن تاريخنا العربي الإسلامي فارغ من أصحاب الهمم ورجال العزائم وبينما وانا أُبحر في عالم الكتب حطت سفينتي عنده وتعرفت في هذا الميناء على مرفأ الشيخ سعيد النورسي وتعرفت في هذا الميناءعلى رجل يستحق ان نذكره ونعلم حكايته لاصحاب المشاريع والافكار العظيمه

علهم ان يستعينون بها بمسيرتهم كلما ضربت الرياح أشرعتهم.

بديع الزمان سعيد النورسي من الاناضول تركيا يقول عن صغره:

عندما كنت بالعاشره من عمري كان لدي مزاج حاد وكبرياء وكنت اتصرف كما لو كنت مرتبطاً بمشاريع مهمه خارقه تتطلب اعمالا بطوليه لإنجازها.

تعلم نورس وحفظ القران الكريم ودرس الفلسفه والتاريخ وارتقى بتعليم القرآن الكريم وارتقى بالتعليم أنتقل إلى قريه تلليس وبدأ بتقديم المشورات للعائلات فيها وكذلك قام بالقاء الدروس الدينيه بمساجدها وقامت مجموعة من الشيوخ بالشكوى على النورسي مما ادى لمغادرته مدينة تبليس ،وفي تلك الفتره اتطلع النورسي على الصحف المحليه وقرأتصريح وزير المستعمرات البريطاني (غلاد ستون)وهو يخاطب النواب وبيده القرآن الكريم ما دام القرآن بيد المسلمين فلن نستطيع ان نحكمهم لذلك فلا مناص لنا أن نزيله من من الوجود أو نقطع صله المسلمين به، وكان لهذا التصريح تأثيراً كبيراً على نفس النورسي فأقسم أن يكرس نفسه جسما وروحاً للآسلام،عمل النورسي على انشاء جمعيه الزهراء، وقد آثار الحاسيدين شكوك السلطان عبد الحميد الثاني ضد النورسي وقدموه للمحاكمه التي برآته من تهمه الانتماء لجمعيه الإتحاد والترقي وبعدها حاول السلطان تقريب النورسي منه وأرسل هديه له فكان رد النورسي لم اكن ابدا متسولا للمراتب ولم اتي لغرض شخصي وإنما مصلحة البلد. وعندما رفض هديه السلطان وهدده الوزير بالعقاب كان رد النورسي(تعددت الاسباب وانما الموت واحد) انما اريد ان اوقظ ابناء هذه الامه ورد النورسي على شعار الحريه الذي رفعته جمعيه الاتحاد والترقي فقال النورسي( ان الحريه الصحافيه هي حريه الشريعه اي الحريه التي يرسم الشارع حدوده وليست الحريه الفوضويه التي لا ضوابط فيها) .

قد القي القبض على النورسي عام 1909 وفي المحكمه قال (مخاطبا رئيس المحكمه) لون أن لي الف روح لما ترددت ان اجعلها فدآ لحقيقه وحقائق الإسلام أني لا أعترف الإ بملة الإسلام وقد حكمت المحكمه عليه باﻹعدام لكن تم اطلاق صراحه بسبب الضغط الشعبي الكبير.

كتب النورسي بسجنه عام 1909(كل مؤمن مكلف بإعلاء كلمه الله وان السبب المهم في هذا الزمان هو التقدم ماديا , سنجاهد بسلاح العلم والفنون ضد الجهل الفقر والافكار المتضهده التي تعد من أهم وألد اعداء اعلاء كلمة الله.)

كتب النورسي أكبر قدر من تفسير القرآن الكريم أثناء حرب القفقاس واسماه (اشارات الإعجاز).

 

المُتحدي للظلم والظالمين :

لم يتوقف النورسي على الدعوه والكتابه والوعظ وانما سارع النورسي الى تشكيل جماعه من المتطوعين ضد الجيش الروسي عام1916 وقد أصيب الشيخ النورسي وإعتقله الجيش الروسي وامضى 28 شهرا الى ان تمكن من الهروب إلى المانيا ثم عاد إلى استطنبول واثناء وجوده في السجون الروسيه مر القائد العام الروسي من أمامه ورفضة النورسي الوقوف له، وقدم للمحاكمه وحكم عليه باﻻاعدام وعندما طلب منه عند تنفيذ الاعدام ان يتراجع ويعتذر للقائد رفض النورسي ذلك واستأذن ان يصلي ركعتين ونتيجه لذلك كبر في نظر القائد وقال له كنت اظن انك قمت بعملك قاصدا اهانتي لكن واثق الآن انك كنت تنفذ ما يأمره دينك وعقيدتك وايمانك , وابطل قرار الاعدام.

وقد شارك مع النورسي 112 مفتيا وعالما فتوى تؤيد حركة الإستقلال في الآنضول وقد دعاه رجالات الحكومات من بيتهم اتتاترك لحضور لقاء ،وعندما علم النورسي ان معظم الرجالات لا يصلون ولا يأدون الفرائض الدينيه خطب فيهم دون خوف اومداراه فقال: ايها المبعوثون انكم مبعوثون ليوم عظيم تقفون فيه امام الله سبحانه ولا يغرنكم انتصاركم على عدوكم لتفسدوا هذا النصر بسلوككم , انكم تختارون تقليد الاوروبيين فإنكم ستفقدون عطف ومؤازره العالم الاسلامي.

لم تتوقف عظمه وهيبه الشيخ بديع الزمان على هذا الموقف انما كان له ابداعات في مجال اخر فقد استطاع اثناء وجوده في المنفى في فتره ما بين 1926_1920 أن يؤلف ما يزيد عن 130رساله اسماها رسائل النور تقع في نحو 6000 صفحه كان يكتبها بيده ثم يقوم التلاميذ بنسخ الرسائل وتوزيعها على كل المناطق وقد قيل بحقا ( ان الايمان تحدى التكنولوجيا) وفي عام 1928صدر قرار بمنع الاذان باللغه العربيه الإ ان بديع الزمان النورسي رفض ذلك فتم إعتقاله وتقديمه للمحاكمه ليحكم عليه احدى عشر شهرا يقول النورسي: لقد اتاحت لي الام المنفى والاعتقال مدى هدوء وصفاء واتاحت لي التأمل في الحقيقه القرآنيه الخالده ولم يتزوج النورسي وعندما سئل عن السبب قال: انني لا استطيع ان اقوم بواجبات الزوجيه على ما انا فيه من حياه القلق والاضطراب

توفي بديع الزمان سعيد المورسي عام 1960 وقامت الدوله التركيه بدفنه في مكان مجهول، كان قد سئل النورسي عن ما قد انزعج منه بوجوده باسطنبول فقال:

 

إن الشيء الوحيد الذي أزعجني هو الخطر الذي تعرض له الاسلام، في الماضي كانت الاخطاء من الخارج ولذلك تمت مقاومتها بسهوله لكن الآن تآتي الاخطار من الخارج والداخل , وفي الحقيقه دخول الدفء داخل الجسد لذا اصبح من الصعب مقاومته ،وآثار التعب من ان بنيه المجتمع الاسلامي سوف لن يكون بمقدورها أن تعالجه ذاك لانها لا تعي العدو .. انها تفترض ان يكون لها صديقا بينما هو عدوها الأكبر الذي يغرس اسنانه بالشرايين ويشرب دمه ..ان قلثي الاول فقط هو ان هذا آنئذ ليس لدي وقت لافكر بمتاعبي وصعوباتي الخاصه...