العرب في المعادلة السياسية العالمية
قدر العرب أن يكونوا كرة بلياردو داخل شكل ثلاثي ، رأسه إسرائيل وطرفاه إيران وتركيا .. والكرة لا تفعل ، ولا تتحرك ، فقط تنفعل تبعا لحركة مُحركيها .
وهؤلاء الثلاثة شر، وإن كان غير متساوي بينهم ، فالقضية هي صغر الرقم العربي في المعادلة ، وليست من هو أهون الشر في هذه الدول .
لِنقر أن مهمة العرب هي قنطرة لتصفية الحسابات ، وهي ورقة لكتابة الرسائل المشفرة بين الثلاثي المحرك للخيوط ، ومهما غلب أحد على الآخرين ، فسيظل كل العرب مغلوب على أمرهم ، وهذا أمر من لا وزن له ، ومن لا وزن له لا رأي له ، حتى وإن كان ظلا للأقوى .
بين مملكة سليمان وإمبراطورية الباب العالي وكسرى الفرس يترقب العرب لحظة النهاية ليعرفوا لمن ستكون الغلبة فيدخلوا معه في النصر . وضع العرب المجاديف وإنتظروا أن تحرك الريح أشرعتهم ، والريح بين مدمرة (إسرائيل ) ،وريح تأتي على شكل نسيم جميل ( تركيا وإيران ) لكنها تحمل العاصفة في المستقبل ؛ ولنسأل التاريخ عن هذه العاصفة .
أي إقتراب بين العرب وتركيا أو العرب وإيران ، هو كإقتراب مصارعَين سيتعاونان لإخلاء المعركة مما يعيقهما عن الصراع (إسرائيل ) وبعد ذلك سيبدأ صراعهم ، وهذا الصراع لن يكون صراع تكافؤ ، بل هو نوع من صراع التبعية ، وكما تمارس إسرائيل الآن الحيف على العرب ، ستمارس تركيا كما مارست سابقا ، وستعود إيران لعظمتها البائدة ، لأن العرب في كل ما يحدث هي كمن يتلقى الحكايات دون أن يعمل على سردها .
الشعوب العربية لها أنصبة مختلفة من كل هذا ؛ فالذين يعرفون ما يقع ويحملون القضية في قلوبهم تبتلعهم الأرض يوما بعد يوم ، فتبقى الظاهرة الصوتية التي تنادي بإسم مغن فاشل وتصيح بإسم شهيد في نفس الوقت ، ثم يأتي الآخرون الذين يعرفون في أي طرف يوجد شهدهم وعسلهم … ونحن نعذر الجميع ؛ فمتى غيرت الشعوب العربية شيئا في تاريخها . ؛ فإسرائيل ميكروب ،وتركيا وإيران لن يكونا في صالحنا حتى لوجمعنا العداء معهما لإسرائيل ، فهو عداء إسترتيجي ، والأصل أنهم أعداء لنا بحكم التاريخ ، ولن يشفع لنا تقاربنا معهم في الدين ؛ فداخل الإسلام لنا ديننا ولهم دينهم .
مع من مصلحتنا ؟؟؟ هذا هو لسان العرب …والسؤال هذا هو دليل رقمنا المهمل في المعادلة ، لأن الأطراف الآخرى تقول : إن مصلحتكم أيها العرب معنا .. ويأتيني شبيه هذه الصورة بإجتماع ثلاث أقوياء على ضعيف ، الكل يريد أن يستميله لا حبا فيه ، بل لكي يمارسوا الزعامة عليه .. وهذا ما ستفعله كل الأطراف ، وما تفعله حقيقة الآن .
حين نقول إسرائيل نقول أمريكا ، وهذا ما يجعلها بنتا مدللة كأبناء المسؤولين العرب(؟؟؟) ، فالشرعية الدولية أمامها أوراق مراحيض ، وهذا ما يجعلها متقدمة بخطوة على إيران وتركيا ، وكلهم متقدمون بما لا نهاية من الخطوات عن العرب إن أهمية الدور العربي يأتي من كونهم الضحية ، أو الإشبين الذي يعلق عليه كل طرف نيته في التحرك ، وأقصد القضية الفلسطينية بالتحديد ؛ فهي تدخل كأحد الأسباب القوية في تحرك الأطراف المعنية للسيطرة على الشرق الأوسط.
سقطت القضية الفلسطينية من حضن الحكومات العربية ، فتلقفتها أيادي تركيا وإيران ، فالفسيفساء الحزبية والحركية في فلسطين عروبية المظهر فقط ، أما ما دون ذلك فلا . الأمركة والصهينة والعصملية والملالية هي الإيديلوجيات الخفية والواضحة في المشهد السياسي الفلسطيني ، وهذا الأمر مفهوم لأن من سيراهن على العرب سيراهن على أحد هذه الأطراف ، لأن العرب جميعا إنقسموا إلى هذه التيارات ، وإلى الإختباء تحت عباءاتها ، لأن ليس لهم حقيقة إلا الإختيار ، فهم غير فاعلين في معركتهم الأولى ، وليسوا فاعلين على أرضهم إلا بسبب تبعيتهه لأحد هذه الأطراف.
إستفحال هذه النوايا ؛ توطيد هيمنة الأم (أمريكا) والبنت (إسرائيل) ، ، ومزج النظام الملالي بالتاريخ الفارسي ، تجعل العرب طفلا يتيما في مأدبة اللئام ، وهذا ليس حكرا على فلسطين لوحدها ، فأينما وليت وجهك شطر العرب تجد تقسيم الهوية العربية إلى هذه الهويات : لبنان ،اليمن ، والسودان (إنقسام واضح) . سوريا ، قطر ( الدور الإعلامي يساعد على إظهارهما ممانعين ، وماهم بممانعين) . مصر ، والسعودية (مساندة غير مشروطة للأم ووليدتها ). كل الدول العربية تخضع لرغبة في السيطرة من الأطراف الثلاث جميعا ؛ فهناك أمركة (كما يحدث في العالم كله ) ، وهناك حركة ملالية وتشيع قوي.