طبقية الشعب وحتميته الاقتصادية

 

تنقسم  الرأسمالية الى طبقات - ليس على أساس الدخل أو الثروة بل على أساس العلاقات التى تربط الاثنين

أولا - الطبقة الغنية

وهذه طبقة لا تحتاج للعمل بل يتحقق لها الدخل من الثروة المتراكمة وامتلاكهم لوسائل الانتاج التى يحتاجها المجتمع - أى أن الآخرون هم الذين يعملون لتحقيق الدخل لهؤلاء باستغلال ثرواتهم..  وقد يعمل أحدهم من باب الوجاهة الاجتماعية أو تحقيق الذات لكن ليس احتياجا للمال..

ومن الضروري اذن أن يكون هؤلاء قلة - فلو كانت الثروة موزعة بشكل أوسع لما أصبحوا أغنياء بالقدر الكافى..

ثانيا - الطبقة المتوسطة العليا

وهذه طبقة تمتلك وسائل الانتاج التى يحتاجون اليها للعمل - كأصحاب المحال التجارية والشركات الصغيرة والمراكز الطبية والمدارس وهلم جرا..  هؤلاء يعملون من أجل تحقيق الدخل ويقوم كل منهم بتوظيف عدد من العاملين الذين يفتقرون للأدوات..

ومن الضروري أن يكون هؤلاء قلة أيضا - لأنهم بذلك فقط يجدون من يعمل لديهم..

ثالثا - الطبقة المتوسطة

وهذه طبقة مضطرة للعمل من أجل تحقيق الدخل لكنهم يمتلكون مهارات خاصة يحتاج اليها أصحاب الثروات وأرباب الأعمال وكلما كانت هذه المهارات أكثر ندرة أصبحت أغلى ثمنا..  هؤلاء يمتلكون ميزة تفاوضية تمكنهم (الى جانب الندرة النسبية) من تحقيق دخل أعلى من غيرهم..

ومن الضروري أيضا أن يكون هؤلاء قلة وان كانوا أكثر من الطبقات السابقة - هذا لأنهم اذا زاد عددهم فقدت مهاراتهم قيمة الندرة وفقدوا بالتالى مقومات رفع الدخل..

رابعا - الطبقة العاملة

وهذه طبقة لا تمتلك أدوات الانتاج ولا مهارات العمل النادرة فهم يحتاجون للعمل لدى أصحاب الثروات وأرباب الأعمال لكن بلا قدرة على التفاوض من أجل تحقيق دخل أعلى..

فعلى الرغم من كونهم هم الصانع الأول للثروة والسبب الرئيسى فى دخل الآخرين الا أنهم حسب آليات السوق لا يحصلون على شئ..

ومن الضروري أن يكون هؤلاء هم الأكثرية - والا لما نشأ هذا الهرم الطبقى الذى نراه..

خامسا - الطبقة الفقيرة

وهذه طبقة لا تحسن عملا من أى نوع - أو لا تقدر ليه - أو لا تجده..

وهذه لا دخل لها بل ربما تعيش على التبرعات والمساعدات أو تنخرط فى الجريمة أو ربما تمارس أعمالا متفرقة لا تستمر ولا تحقق شيئا..

وهذه غالبا قليلة العدد لأن زيادتها مرتبط بانهيار المجتمع بالكامل وتوقف الاقتصاد نهائيا..

دعنا  ننظر الى نظامنا الاقتصادي الفلسطيني..

أولا - الطبقة الغنية على علاقة وثيقة بالسلطة وتؤثر فيها بشكل قوى..  وبالتالى تصدر قرارات السلطة فى مصلحتهم على الدوام وهى الحفاظ على الهرم الطبقى بكل الطرق..

ثانيا - الطبقة المتوسطة العليا تعتمد على نشاط الطبقات الأخرى وعلى قرارت السلطة بشكل لصيق لكنهم لا يملكون تغيير شئ فى الحقيقة لأن قدرتهم على بيع انتاجهم مرهون بالحالة العامة للشعب..

ثالثا - الطبقة المتوسطة كبرت وتوسعت فى العقود الماضية حتى فقدت الكثير من الوظائف ندرتها النسبية وفقدت القدرة على التفاوض من أجل تحسين الأوضاع وأصبح جل همهم هو الوصول للطبقة الأعلى أو الخروج من البلاد..

رابعا - الطبقة العاملة لم تجد قرارات فى صالحها فتآكلت قدرتهم الاستهلاكية وقدرتهم على التعلم وتحسين أوضاعهم وبالتالى تاثرت الطبقات الأعلى بضعف الطلب العام مما يفاقم الأزمة عاما بعد عام..

خامسا - الطبقة الفقيرة تزداد عددا كل عام - منذرة باقتراب كارثة فعلية..

اذن ما الحل لمحاولة اصلاح الاقتصاد  ؟!

1 - فك الارتباط بين السلطة وأصحاب الثروات..

2 - تركيز الاهتمام على مصالح الطبقات الأضعف وزيادة قدراتها الاستهلاكية والانتاجية على السواء..

3 - وهذا يحتاج الى احترام حقوق العاملين وتحقيق العدالة فى توزيع الناتج..

4 - تزامنا مع احترام العلم والتميز والابتكار..

5 - ومن أجل هذا يجب حماية الطبقة المتوسطة العليا وتوجيه قدراتها حسب خطط قومية تهدف للصالح العام..

6 - وبالضرورة أيضا انقاذ الطبقة الفقيرة بشكل عاجل..

٧ .نبذ كل الاتفاقيات اللموقعة التي جعلت الاقتصاد الفلسطيني تابع لسلطة الاحتلال فكما نرى أن اصل المشكلة يكمن في أن الاقتصاد الفلسطيني نما وتشكل في ظل حكم ذاتي منقوص السيادة على الأرض والموارد، بموجب اتفاقيات عديدة ، الذي سمح للسلطة الوطنية الفلسطينية بحكم وإدارة شؤون الشعب الفلسطيني دون أي سيطرة على الأرض والموارد والمعابر والحدود، وحتى دون إصدار عملة وطنية، الأمر الذي جعل من السلطة الوطنية الفلسطينية فاقدة لمقدراتها وأدواتها، وفاقدة لسلطتها على أراضيها، وما عمق ورسخ من تبعية الاقتصاد الفلسطيني لاقتصاد الاحتلال، وحال دون تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، وشكل عقبة رئيسية أمام الاقتصاد الفلسطيني.

ومن البديهى أن هذا كله يستلزم البدء من الخطوة الأولى - تحطيم شبكة المصالح الحاكمة حاليا والتى تمنع تحقيق أى شئ..  وهذا التحطيم لابد أن يكون ثوريا وجذريا لأنهم لن يقبلوا أى حلول أخرى فى حين أنهم يملكون السلطة الكاملة..

ألا يبدو هذا واضحا..؟!