ما يحتاجه الفلسطيني

في ظل الأوضاع التي تعيشها القضية الفلسطينية، نحتاج إلى قوة ردع وطنية قادرة على تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني و رسم خريطته المستقبلية في ظل الهجمة الشرسة التي تشنها عصابات الموت الصهيونية ، فالاحتلال أسرف كثيرا في استخدام قوته العسكرية، يقتل ، ويشرد، ويهدم، وينتهك المدن والقرى والمخيمات و أزقة الوطن وحاراته ليل نهار ، يطارد الشباب الثائر، يحاصرهم ، يستوحشون ، و ينشبون مخالبهم في صدور الأبرياء، جنود مدججون يعسكرون وسط البلد ويقصفون المنازل بحثا عن مطارد لا يملك إلا صبره و عزيمته ، يصبون عليه وابلاً من حقدهم الأسود و رصاصهم الهمجي، ليقتلوا فينا روح الانتماء ، زمرة من وحدات الموت الفاشية يتنكرون لأصولهم ويدخلون إلى حصوننا ويلتفون حول شاب في ربيع العمر، و ينهالون عليه بجامّ غضبهم و هو لا يملك سوى الدعاء والإيمان، كيف يرى نفسه وهو في وسط حقدهم وحيدا ؟ يقاتل ، ويدافع، يصوب دعاءه في وجوه الغزاة ، يحسب ذخيرته و يمسح الغبار المتطاير عن حدقات العيون، يقابل أسراب الدبابات ، و يواجه طائراتهم التي تلوث الفضاء ، تبحث عن أنفاس الثائرين الرافضين الذل والخنوع ، يتقدم ، يضرب بيد تأبى الانكسار، يسجل وصيته للأجيال، و للفتيان اليافعين ، أن تسلحوا بوطنيتكم، لا تكترثوا للأصوات النشاز التي تبحث عن مكاسب دنيئة ، قووا أنفسكم بحد السلاح، فهو أمانة ولا تفرطوا فيها ، ولا تخذلوا من امتشقها عشقا للحرية و نيل العلا .

 

الصهيونية العنصرية تستبيح الوطن بكل أجزائه على مرأى العالم ، يدنسون المقدسات، ينصبون الحواجز ليقطّعوا جسد الوطن ، مرة في جنين وأخرى في نابلس و يوما في الخليل و نهارا في أريحا يريدون قتل الحلم الفلسطيني، واليوم في القدس ومسجدها الأقصى أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين، لا يراعون مكانته الدينية و أهميته التاريخية والجغرافية في القلب العربي والفلسطيني، يقتحمون باحاته المقدسة ، يفرقون المصلين، يدفعون النساء والأطفال والفتيات لا يراعون حرمة الأماكن المقدسة ولا حرمة الأيام الفضيلة ، يلقون قنابل الغاز داخل المسجد و بين المعتكفين، جنود و مجندات يحملون الهراوات والأسلحة و يلبسون خوذهم ويضربون كل من يقتربون منه ، و يجرونهم بين أزقة الحرم القدسي، و يسحبونهم خارج الأسوار والأبواب، ينكلون بالنساء ، لا يسمعون استنجادهن ، لا يعرفون سوى تفريغ الأقصى من مرابطيه ، يقومون بذلك بأمر من وزراء حكومة العدو و يتسابقون على نيل الشرف و أوسمة الترقي مقابل ما ينفذون ضد الفلسطيني، و يتبجحون في القتل و تدنيس الأماكن الفلسطينية و منع الفلسطينيين من الوصول إلى القدس ، مناظر تئن لها القلوب ، و تتوجع لها الصدور، و تدمع لها العيون ، و تحترق المشاعر ، نار مستعرة تقد الجوارح و العقول ، أمام تلك العصابة التي لا تحسب أي حساب المحيط العربي ، لا للإنسانية جمعاء، فهي لا تعرف إلا مواصلة القتل و التدمير و كسر عنفوان الشعب الفلسطيني إذا استطاعت إلى ذلك سبيلا ،

 

من جهة ثانية و رغم كل ما يحدث لم نجد الموقف الفلسطيني الرسمي أو الفصائل قد وصل إلى ما هو مطلوب، و لم يرتق إلى طموح الشعب الفلسطيني، و لم يخرج عن دائرة الاستجداء و طلب العون من دول الاستعمار، إذ درجت الجهات الحكومية و قادة الفصائل الفلسطينية إلى التنديد بجرائم الاحتلال، و تدعو العالم إلى أن يتحرك لوقف العدوان الإسرائيلي عن الشعب الفلسطيني و مقدساته ، و كأنهم هم لا يتعرضون لجرائم الاحتلال أو يعيشون في برزخ آخر، ومن يسمع حديثهم يدرك أنهم جزء من نظام عربي و عالمي يتآمر على فلسطين و شعبها ، و كأنهم جزء من نظام يرى أن إسرائيل دولة في المنطقة و حري بهم التعامل مع ذلك النظام ، فهم انسلخوا عن قضيتهم ولم يشعروا بآنات شعبها المعذب و المحاصر و هي بدورها رفضتهم و نبذت سلوكهم و مسؤوليتهم غير المسؤولة، و ألقت بكل مشاريعهم في صندوق المهملات .

 

ما تتعرض له فلسطين بكامل جغرافيتها و تاريخها العريق و ما يحصل بشعبها بكل أطيافه و مشاربه لهو ضمن مسلسل الاستعمار الغربي على الشرق الأوسط و الذي تمتد جذوره إلى عقود ، فهو يريد تدمير القضية الوطنية و طرد أهلها من أرضه و ترسيخ العصبة الصهيونية بما يسمى دولة إسرائيل ،

 

لذا على الفلسطيني أن يكون رأس الحربة في مواجهة مغول العصر، و يتسلح بكل مقومات الصمود و المواجهة و أهمها وحدة الشعب الفلسطيني والتفافه حول المشروع الذي يعيد له كرامته و أرضه ، 

إن الأزمة الحقيقية التي يعاني منها الشعب الفلسطيني هي خلق أسباب الاختلاف و التناحر و الإيمان بها و العمل على تطبيقها بين الفصائل الفلسطينية والأحزاب المختلفة و المؤسسة الوطنية الرسمية و الشعبية و حتى بين الأفراد و الأشخاص و بين الأطفال و الرجال و النساء و الفتيات بين كل مكونات الشعب الفلسطيني ، في الوقت نفسه ليس هناك المغنم الذي يستحق هذا التشاجر و الضغينة، إنما الكل يلهث و يقاتل من أجل السراب الذي أوهموا به و ضُللوا به ، و وقع في شباكه الجميع دون استثناء،

 

من ناحية أخرى هناك الكثير ممن يبثون سموم الفرقة و يوسعون دائرة الصراع و الذين تربطهم أجندات مع الأطراف المختلفة وكلها تسعى لإضعاف الفلسطيني و تشتيت قواه أمام العدو و سياسته و قوته العسكرية،و هذا يعزز من نفوذ الاحتلال و أطماعه العدوانية. 

5_4_2023 م ، الأربعاء ، 11:41 ، مساء .