حفيد الغاصب المحتلّ يقتل حفيد اللاجئ  الفلسطيني ؟!

على ضوء جريمة مخيم الجلزون

من الممكن جدّا أن يكون من قتل الشابان الفلسطينيان يسكن في بيت فلسطيني صاحبه جدّ الذين قتلهما من مخيم الجلزون، جدّ القاتل طرد جدّ المقتول من بيته وهجّره من قريته الوادعة الامنة عنوة الى حيث اللجوء والشتات ومخيم الجلزون، ثم دارت الأيام ليأتي هذا الحفيد المحتلّ ابن ذاك الغاصب المستعمر ليقتل حفيد ذاك اللاجئ المهجّر الذي ليس له في هذه الدنيا الا تلقّي البؤس والشقاء وويلات الاحتلال وشظف حياة المخيّم.

عندما يتوغّل التوحش الصهيوني في الدماء الفلسطينية فيقتل بدم بارد، ويعتقد هذا الجندي الذي يضغط على الزناد أن هذا الفلسطيني الذي ينزف دماءه بفضل رصاصة جاد بها رشّاشه المقدّس لا قيمة له ولا وزن، هذا يستحق القتل ويتشرّف بان قتله قد جاءه على يد عنصر من عناصر شعب الله المختار، هنيئا لك أيها الشاب الفسطيني لأن الذي وضع حدّا لحياتك الشريرة! شاب من خيرة خلق الله، هنيئا لك هذه النهاية العظيمة التي حظيت بها بفضل هذا الملاك الطاهر المقدّس!

هذا الذي قبل أن ينطلق الى القتل قدّسه حاخامهم الاكبر "عوفاديا بن يوسف" ولقّنه درسه الابديّ: " أنت قد اختارك "الالوهيم" لمهمّة سامية، اختارك لتطهّر الارض المقدّسة من الزواحف الضارّة والحشرات التي يسمّيها الناس: الشعب الفلسطيني، لا تتردّد في سحقها، هؤلاء:" الجويم" ليسوا بشرا وإنما حشرات قتلها يرفع من مكانتك في سلّم الترقّي الذي أعدّه الله لشعبه الذي اختاره على الناس أجمعين، أقتل ولا تتردّد فهؤلاء حشرات لا يستحقون حياة الربّ العظيمة، هذه الحياة لا يستحقّها غيرك، تقرّب الى الله ما استطعت بتخليص هذه الارض المقدّسة من أعداء الربّ.

ويمضي هذا القاتل تارة يلبس لباس الجندي بكامل معدات الجريمة والقتل، وتارة أيام اجازته يأتي بلباس المستوطن المسلح بكل الاحقاد التي عرفتها البشرية والتي لم تعرفها بعد، لا يرى في الفلسطيني إلا أنه جاهز لنيل شرف رصاصاته المقدّسة وسفك دمه على مذبح تلمودهم المقدّس، لا يرى بأنه يحرق قلب أمّ ويرمّل امرأة وييتمّ أطفالا، لا يرى أنه ينقضّ على زهرة شباب انسان ويدمّر طموح وآمال ويرسم مستقبلا أسودا لأسرة كان من المفترض أن تعيش حياتها الجميلة كما بقيّة البشر، ولا يخطر في باله أية مقارنة بين سفك دم انسانهم وسفك الدم الفلسطيني، فهذا لا قيمة له البتّة ودمهم عظيم يختزل كل دم سفك من آدم عليه السلام الى يوم الدين، فمن سفك الدم اليهودي كأنما سفك دم الناس جميعا، بينما من سفك دم فلسطيني فإنما هو دم بعوضة لا قيمة لها البتّة.

والسؤال بعد هذه الجرائم المريعة التي أصبحت زادا يوميا لشهوة القتل الساكنة في أعماقهم، والتي كان منها الجريمة الاخيرة لشابي مخيم الجلزون، ماذا تنتظر ايها القاتل المقدّس من الفلسطيني؟ هل تنتظر منه أن يمدّ رقبته لك كي تذبح وقت ما تتحرّك فيك روحك القدّيسة التي لا ترتوي الا بالدماء الفلسطينية، هل تنتظر أن تدوم لك الايام وأنت تقتل وتعربد كما يحلو لك؟ هل تنتظر أن يتحول الفلسطينيون الى مزرعة أرانب أو الى قطيع من الاغنام؟

الفلسطينيون ليسوا كذلك ابدا، لا كما يظنون ولا كما يريدون، واسمحو لي أن أعرّج قليلا على المخيمات حيث أنها تمتاز بالمزيد من البؤس والشقاء بسبب هذا الاحتلال والذي ما قام هذا البؤس إلا بسببه وبسبب تهجير أهله من قراهم التي نزعت منهم عنوة وطهرت منهم تطهيرا عرقيا سنة ثمانية واربعين، ثم توالت عليهم النكبات وتضاعفت قسوة حياة المخيم بتزايد اكتظاظه السكاني وعسر الحياة وضيق أفقها الذي أغلقه الاحتلال من كلّ جوانبه ولاحقه بالاعتقال والاغلاق ومنعه من كل ما يفتح سبل معيشة أبنائه، ثم يطلّ عليه بهذا القتل المريع، فماذا تنتظر من المخيمات أيها القاتل المعربد الذي لا يعرف منك الناس الا ساديتك المتوحّشة؟

للمخيمات تاريخ عظيم مرّ عبر انتفاضة الحجارة ثم انتفاضة الاقصى وكان لها حضور وتفاعل مميّز في كل المحطّات التي شهدت رفض  المحتلّ وسياساته الغاشمة، المخيم باختصار قنبلة موقوتة لا يعرف أحد كيف ومتى تنفجر، واذا انفجرت قنبلة المخيم فلا أحد يستطيع أن يقدّر ارتدادات هذا الانفجار وحجم ومدى انعكاساته.