وحدة الساحات تنتصر ..

 

يبحث الشعب الذي يقع تحت الاحتلال عن أساليب متجددة في مقاومة المحتل، سعياً لطرده وتحرير أرضه. ولعل الشعب الفلسطيني من الشعوب التي أبدعت في استخدام الاساليب على اختلاف اشكالها و درجات حدتها واتساع تأثيرها ... وفي كل مرحلة كنا نسمع بمصطلح جديد يكثر استخدامه، وكأنه عنوان مرحلة أو شعارها، أو رمز لأساليب المواجهة في تلك الفترة الزمنية..

فإذا أردنا أن نصبح عنوانا لهذه المرحلة المحددة من العمل الفلسطيني المقاوم ، فإني أختار مصطلح وحدة الساحات ليكون المعبر عن جولات المقاومة الاخيرة.

بداً استخدام هذا المصطلح يطفو على السطح بشكل متكرر منها في حرب السيف المسلول عام 2021. وكان قصد المقاومة من ذلك كما نفهمه - أن تقول: أن الاعتداء على القدس وعلى أهلنا في الساحات الاخرى (ساحة الصفة حينها ) لن يجعلنا نترك هذه الساحة وحيده، بل إن ساحة غزة ستنضم إلى المواجهة المباشرة  وستتوحد مع الساحة المستهدفة فكان ذلك ، وانضمت ساحة الداخل - دون تخطيط - الى المواجهة لتتوجد الساحات بشكل فعلي، وللمره الاولى بهذا الحجم. وتمكنت هذه الوحدة من انتزاع جولة مظفرة حققت فيها أهدافها، وتفوقت على عدوها .

ومنذ ذلك الحين والمقاومة تلوح بوحدة الساحات كلما مس العدد محرّماً، هذا لا يعني أن الساحات بغير حولات ليست موحدة لکنها وحدة تكاد تقتصر على الجانب الشعوري الوجداني، والنظري بالاضافة إلى وحدة الهدف والمصير ... الخ.

إلا ان وحدة العمل والمقاومة لم تكن حاضرة ، ففى حرب ( العصف المأكول ) عالم 2014 على سبيل المثال استمر العدوان أكثر من خمسين يوم ، والمواجهة قائمة ، و العدو يدك غزة بمئات بل بلغت الاف أطنان المتفجرات، ولم تتحرك الضفة رغم بشاعة الجرائم، وكثرة الشهداء، وحجم الدمار، فلم تتوحد المقاومة مع غزة، هكذا كان الحال في الجولات التي سبقت

وحدة الساحات معادلة جديدة فرضتها المقاومة، حتى بات الاحتلال الاسرائيلي مسلّماً بها، ويأخذها بعين الاعتبار في سلوكة وقراراته.

معادلة وحدة الساحات أصبحت واجباً والتزاماً على المقاومة . لا يمكنها أن تقفز عنه كما كان الحال سابقاً.

مفهوم وحدة الساحات آخذ بالتوسع ، ففي العام 2021 كانت الوحدة في الداخل الفلسطيني ( الضفة الغربية والقدس، وقطاع غزة، والداخل المحتل ) ، أما اليوم فانضمت الحدود و(دول الطوق) إلى هذه المعادلة، وإن بصورة محدودة ، فأطلقت عشرات الصواريخ من لبنان - الأمر الذي كان متوقفا لسنوات طوال.. وبدأت أصوات القذائف تسمع من سوريا، وإن بشكل ضيق، إلا أنها الصواريخ الاولى التي تتوحد مع فلسطين منذ خمسين عاماً، وضبط الجيش المصري راجمة صواريخ في سيناء موجهه نحو إيلات، وقام بتفكيكها قبل أن تنطلق صواريخها ..

إذا ثلاث دول مجاورة من أصل أربعة بدأت حدودها تتململ وتتوحد جزئياً مع فلسطين،

وهذا بحد ذاته نظر استراتيجي له ما بعده.