الأسرى.. رأس الحربة ما بين الإهمال والعدوان

بقلم الاسير المحرر بلال عواد

 

أريدك أن تكون حاقدا وانت تحارب، يجب أن تظل تحارب، راجع كيف يمكن أن تنتصر، متى استسلمت للحزن، تهزم وتنتهي، سوف تهزم كانسان، وسوف تنتهي كقضية.

عبد الرحمن منيف. رواية شرق المتوسط.

 

يفتخر رئيس الأركان الصهيوني منذ فترة قصيرة بعملية السور الواقي الإجرامية، التي نفذها الجيش الصهيوني المجرم أثناء انتفاضة الاقصى، ويقول :لقد أذهلنا الفلسطينيين، لقد صدمتهم اصوات المجنزرات التي كان تحطم كل شيء في طريقها!!

هذا هو مستوى العدو الذي يواجهه الشعب الفلسطيني؛ عدو يفتقد لأدنى درجات الوعي الأخلاقي او حتى السياسي، يفتخر بإرعابه للمدنيين العزل من خلال الدبابات والصواريخ!! يفتخر بجرائم حرب دولية وإبادة وتطهير جمعي لشعب محتل لا يمتلك لا جيشا ولا دبابات ولا طائرات ولا حتى قاذفات دبابات. وهذا ينظر له رئيس الأركان السابق (يعالون) ويسميه نظرية( كي الوعي).

 

ولقد حاول هذا العدو تطبيق ذات المبدأ على عالم السجن وعلى الاسرى الابطال الذين خاضوا ويخوضون أشرس المعارك ضد مخططات هذا الاحتلال البغيض. وأعجبني ما كتبه الاسير الفلسطيني (وليد أبو دقة) دراسة بعنوان(إعادة تعريف او صياغة الوعي). يتحدث أبد دقة في دراسته عن سياسة الاحتلال ومصلحة السجون في تغيير وعي وعقل الاسير الفلسطيني من خلال العديد من الطرق ومنها:

١_القمع والترهيب.

٢_الفصل الجغرافي بين الاسرى وإشعال قصة المناطقية بينهم

٣_تحويل العبء المادي إلى ربح مادي لصالح مصلحة السجون من خلال ما يسمى(كانتينا)؛ وفي ذات الوقت خلق ميزات يخاف عليها الاسير من الفقدان!!

٤_تمييز بعض الشخصيات ومعاملتها بطريقة فيها نوع من الاحترام والرفاهية تطبيقا لمبدأ نظرية الدولة النامية رئيس مكروه وشعب كاره مسحوق!!!!

 

ولا زلت أذكر تلك الليلة الأولى لي في الاعتقال. لم تكن ليلة عادية تلك التي قضيناها في معسكر حواره. كان الموت ممكنا وممكنا جدا. برد قارص، قذارة غير طبيعية في غرف الحجز وفي دورات المياه. قال لنا الضابط المسؤول عندما طلبنا طعاما من شدة الجوع، قال:  نحن نطعمكم حتى لا تموتوا!!!

إنها سياسة واحدة. تسعى إلى إنهاء الفلسطيني والقضاء على كل مقومات وعوامل بقائه. سياسة ترسم بعناية ودقة بدءا من لحظة الاعتقال وصولا لعمليات القمع والانتقام. وقبل كل ذلك احتلال الأرض، وفرض منع التجول، والحواجز والمداهمات الليلية. والتصفية الجسدية بطريقة بشعة كما حدث مؤخرا في مدينة نابلس.

 

الاتفاق الأخير دلالة نصر وتمكين

توصل الأسرى الابطال لاتفاق مشرف مع مصلحة السجون الصهيونية تم بناء علية تأجيل الإضراب عن الطعام والذي كان مقررا في الخامس والعشرين من آذار لهذا العام؛ وهذا بحد ذاته ضربة نوعية للهجمة الأمنية الأخيرة ضد الاسرى والاسيرات في قلاع الصمود والمواجهة.   لكن السؤال المركزي والملح...هل يتم التعامل مع ملف الأسرى في هذه الأيام بطريقة ترتقي للحد الأدنى من قيمتهم المعنوية والمادية التي شكلت كتلة لهب عملاقة تكوي وجه السجان والطغيان؟ أين مكانة الأسرى ومعاناتهم في حياتنا اليومية؟ والأسئلة الإكثار أهمية واحراجا. أين دور النخب الفلسطينية؟ وماذا تصنع التنظيمات التي لم تعد تجيد  إلا بيانات الندب والشجب والاستنكار إلا من رحم ربي!!!

إن ملف الأسرى لهو من أقدس واهم الملفات في تاريخ القضية الفلسطينية. فلا سيداو ولا الحرب الروسية الأوكرانية أهم من أسرانا الابطال.  يحاول كيان الإجرام الصهيوني  وبكل الطرق تحييد هذا الملف وإخراجه من دائرة النشاط السياسي الفلسطيني من خلال العديد من الممارسات الإجرامية. والتشويه والقمع والإجراءات الأمنية، والهاء الشارع الفلسطيني بقصص العمل في الداخل والرحلات السياحية والتصاريح

وصفحة المنسق التي تعتبر من أبشع الأدوات لتثبيت فكرة الاحتلال العبقري ...الخ. لكن كل ذلك لم ولن يفك عضد الفكرة بأن الحقوق لا تسقط بالتقادم وبان حرية الاسرى هي الملف الذي اشعل فتيل المواجهة وسوف يظل كذلك.