طال عليهم الأمد فقست قلوبهم ؟! 

هل قست أم ماتت قلوبنا بالاعتقال المرّ ؟! 

سأتحدّث عن قلوبنا كقلب واحد أخشى عليه أن يطول عليه زمن الظلم وقهر العباد فيتجاوز القسوة الى الموت، لان حجم الظلم مهول وفوق طاقة القلب الحيّ، فإما أن يموت هذا القلب أو أن يعود الى بعض حياة برفع الظلم وإدخال من وقع عليه الظلم غرفة الإنعاش في مشفى الحياة الأبدي لهذه الامّة، والتي هي أيضا قد وصلت إلى حافّة الموت، بما صمّت أذنها وأعمت بصرها عن متابعة المظلومين والمقهورين من شعوبها. وأنا أشفق هنا على الجميع، الذي يمارس الظلم والذي سكت عن الظلم أو لم يبذل كلّ ما بوسعه لرفع الظلم ( وهذا يعني نحن حضراتنا الذين تستوي ظهورهم على كراسي سياراتهم فتسير بهم حيث شاءوا سوى بيوت المكلومة قلوبهم) وكلاهما سيان لأن النتيجة لكليهما استمرار لدغ السياط ظهور المظلومين. 

كانوا ستة فاصبحوا خمسة وهم كالذين جسّدوا رواية البؤساء للأديب العالمي فيكتور هيجو، بنوا قومهم كالوا لهم من العذاب ما تشيب له الولدان في سجن أريحا، والغريب في الامر أن كليهما ضحيّة للاحت لال، القاهر والمقهور، وهما يستويان أمام استهداف الإسرائ يلي في القتل والتنكيل والقهر والتنكيد، فعجب العجاب أن تعذّب الضحيّة ضحيّة مثلها وهما في ذات الوقت يستويان في ماكينة القهر الصهي ونية، تمارس على كليهما ما برمجت عليه ولا تحيد قيد أنملة. 

ولو كان الامر بعد فترة زمنية نسينا فيها عذابات الأعداء، مضى عهد الاحت لال مثلا وجاء عهد التحرّر، ثم وجدنا بحجة من يحافظ على أمن الدولة يعتقل ويعذّب، فرغم بشاعة الامر إلا أنه في الواقع المرّ ممكن الحدوث، لكن والاحتلا ل لم يبتعد عنا بل وهو يرمي كلّ أثقاله علينا بكلّ قسوة وضراوة ويتدخّل قصرا وغطرسة في كلّ تفاصيل حياتنا، نجد من يمارس التعذيب بل له ماكينة تعذيب الويل والثبور من يتعسه حظّه فيدخل هذه الماكينة. في الوقت الذي ينزف فيه الجرح #الفلسطيني بغزارة، في وقت ترتفع فيه أرواح الشهداء، والاهم في وقت ترتقي فيه الوحدة الفلسطينية بأبهى صورها في خنادق المقا ومة ويصدّر من هناك المقا ومون خطابا وحدويا راقيا، منسجما تماما مع نبض الناس وتطلّعاتهم، قد تجاوز لغة الانقسام والتراجع الى الخلف وراح يعيد الامل والايجابية وأصالة القضية. فهذا الاعتقال الاسود عمل خارج عن السياق الذي تمثّله فلسطين هذه الأيام بكلّ المقاييس. 

وهناك وضع قائم خطير جدّا بل في غاية الخطورة، إذ يجري اعتقال من يطلق من قبل سلطة الاحتلا ل سراحه من سجون السلطة (على الغالب) ولا تحسب فترة اعتقاله عند السلطة، وهنا نطرح السؤال طالما أن هذا المعتقل سيأخذ جزاءه هناك فلماذا نطيل سجنه هنا؟ 

فهب أنّ أخاك ابن أمّك وأبيك هو من يُعتقل هذا #الاعتقال المرّ، سيتزلزل كيان العائلة كلّها وستعلن حالة الاستنفار والطوارئ ولن يغمض جفن لأحد فيها أبدا، ستبقى القلوب عند الحناجر معلّقة، وستبقى اليد على القلب وسيحتلّ الامر كلّ اوقاتنا واتصالاتنا وجهودنا، لن نألوا جهدا الا وبذلناه من أجل خلاص ولدنا، وهذا احتمال قائم لكلّ عائلة أن يُعتقل أحد أفرادها هذا الاعتقال المرّ، لماذا لا نعمل المطلوب لأخوتنا في الدين والوطن الذين يُسامون سوء العذاب كما نفعل لأخوتنا في الدم لو وقعوا بمثل هذه المأساة؟ لماذا لا نتحرّر من هذه الأفعال قبل أن تقع على رؤوسنا كما هي حال إخوة لنا قد اصابتهم البأساء والضرّاء وزلزلوا زلزالا شديدا جراء هذا الاعتقال الأسود؟ 

نحن نتحدّث عن إخوة لنا كلّهم اعتقلوا إسرائي ليا ونالهم من العذاب ومرارة السجن ما نالهم، وهم الان في الاعتقال المرّ ما يزيد عن ثلاثة شهور وفي الاضراب المفتوح عن الطعام خمسة وثلاثين يوما، قد نحل الجسم ووهن العظم وبلي العصب، عدا عما أصاب نفوسهم وارواحهم من ويلات لا يعرف حجمها وأثرها الا الله. 

أنا لا أرى أن قلوبنا قد ماتت بالفعل، بل هناك بقايا حياة قادرة على التدخّل السريع لإنهاء هذه المأساة ووضع حدّ لرواية البؤساء في الحياة الفلسطينية المعاصرة، الفتق يتسع على الراتق والحلّ ممكن ووارد، لو توفّرت إرادة الحياة والمستقبل المشرق لفلسطين بإذن الله.

#لايمكن تجرّع الاعتقال السياسي

#الاعتقال السياسي يرفضه كلّ حرّ_شريف