كيف سلبت النسوية من المرأة المسلمة انسانيتها؟!
النسوية.. النشأة و الدلالة:
بدأت الحركة النسوية في نشأتها كردة فعل أنثوية تسعى لحصول المرأة على بعض حقوقها الأساسية كالحق في التصويت والتعليم و الخروج للعمل لكنها تطورت بمراحل كثيرة حتى وصلت في نهاية المطاف إلى دعوة للتمرد عن كل قالب تنميطي يضعه بها المجتمع أو العرف أو الدين، فالنسوية تنادي بالمساواة المطلقة بين الرجل والمرأة.
ولاحقا تشربت النساء في المجتمعات العربية و الإسلامية تلك التيارات الغربية التي تنادي بالتمرد على العرف السليم و ميزان الدين الذي حدد نظرته الخاصة و المنصفة للعلاقة بين الرجل و المرأة و التي تقوم على التكامل و الرحمة و الإنسانية، على عكس النسوية التي تبث حالة من العداء و التنافسية على الأدوار و الوظائف بين الجنسين.
وقد ساهمت كل من الوكالات الرئيسية لجمع الاستخبارات في الحكومة الفيدرالية للولايات المتحدة و الكونغرس الأميركي في ضخ الأموال لصالح تلك الجمعيات و الحركات النسوية التي اعترفت بأنها تتلقى تمويلا بمبالغ ضخمة مقابل ترويج الأفكار النسوية.
النسوية.. هدم ذاتي لإنسانية الأنثى المسلمة:
من الجدير بالذكر أن موضة أسلمة النسوية انتشرت في بعض أوساط النساء و الفتيات اللواتي يحسبن على الالتزام و التدين و ذلك عن طريق محاولة التستر خلف الدين لتمرير الأفكار النسوية وتطبيعها إما لتحقيق مصالح دنيوية أو جهل أو اتباع هوى.
لكن الإسلام يرى أن العدل بين الذكر والأنثى لا يكون بالمساواة المطلقة بينهما، فالمساواة قد تكون ظلما إذا كانت في غير مكانها، و قد بين الله تعالى مواطن الاختلاف و المساواة بين الجنسين، فقال تعالى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97) النحل، إذ لا فرق بين الذكر والأنثى في الحساب و الجزاء و الثواب والعقاب.
وفي موضع آخر قال الله تعالى: "وليس الذكر كالأنثى"، وفي ذلك إشارة إلى أن هناك اختلافات فطرية بين الجنسين أودعها الله لحكمة ورحمة بهما، حيث قال تعالى في سورة النساء: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض"، فجعل واجب القوامة منوط بالرجل فهو المكلف بالإنفاق و تأمين السكن والاحتياجات و العلاج للأنثى سواء كانت ابنته أو أخته أو زوجته، وهو المكلف بحمايتها من كل سوء و القيام بشؤونها و السعي في تحصيل الرزق للإنفاق عليها وهي معززة مكرمة في بيتها لا يمسها سوء و لا يطالها أذى.
و حث أن تكون وظيفة الأنثى الأولى في تربية الأطفال و القرار في البيت و أسقط عليها واجب النفقة رحمة بها، و حرم تكليفها ما لا يطيقها، ولم يمنعها من ممارسة حقها في التعلم و العمل.
لكن النسوية أدعت أنها تريد أن ترد للمرأة مظلمتها وتعيد إليها إنسانيتنا من حيث أنها ظلمتها في إقحامها بمنافسة الرجل في وظائف شاقة لا تطيقها جسديا ولا نفسيا.
و بهذا خرجت النسوية عن كونها تيارا فكريا بل أصبحت دينا جديدا يهدم ويفكك الأسرة و يدعو المسلمة لرفض ما لا يتقبله عقلها من أحكام شرعية دونما بينة أو دليل، كرفض التعدد الذي شرعه الله للرجل لأنه لا يتماشى مع مصالح المرأة الشخصية، و رفض قوامة الرجل لأنها "بحسب دين النسوية" تظلم المرأة و تسلبها ذاتها و شخصيتها.
و قد ورد عن إحدى النسويات المحسوبات على العلم الشرعي أنها تطالب الرجل بأن يطيع زوجته قبل أن تطيعه، فلو ذهب لزيارة أصدقاءه ليلا عليه أن لا يمنعها من زيارة أصدقائها ليلا!
أي تمرد و جرأة على أوامر الله وخروج بنقيض الفطرة التي فطر الله الناس عليها أكثر من ذلك؟!
وأما عن مصطلح "النسوية الإسلامية" فعليه عدة مآخذ وإن كان يستخدم في توصيف حالة واقعية في تطعيم بعض الخطابات و التيارات الإسلامية ببعض الميوعة في الأحكام الشرعية و التساهل فيها تحت مسمى "التيسير" و الخطاب الذي يحمل فيه طياته التغول و التمرد على الرجل بضرب أحكام شرعية قطعية واضحة.
إلا أن هذا التوصيف ليس بدقيق لأنه ينسب إلى الإسلام مما هو منه براء، فلا يليق أن يلتصق بمصطلح الإسلام إلا ما كان موافقا للشرع، فالنسوية في مجملها أداة تهدف إلى تحويل الأنثى إلى رجل لكنها دائما ما تفشل، فالإنسانية جزء أصيل لا ينفك عن الدين وكمال إنسانية المرأة في كمال أنوثتها.
و النسوية معول مسموم لهدم الدين و هدم القيم و المفاهيم الكبرى التي تحيى بها الأنثى من حياء و أدب، كما أنها تحاصر الأنثى في زاوية ضيقة من الأهداف الدنيئة كالندية مع الرجل و التسلق عليه للوصول إلى حريتها و لن تحقق الأنثى في خروجها عن أصل خلقتها إلا الهلاك المبين في الدنيا و الآخرة.