الشباب الفلسطيني : التحديات والإشكاليات
الشباب في الواقع الفلسطيني
تفسير التحديات التي تواجه الشباب الفلسطيني اليوم، تتطلب من الباحث أو محلل السياسات أن يتمحور حول محددين رئيسين: المحدد الأول تصفير أو تجاهل التحدي الإسرائيلي ليس من باب عدم الأهمية– بل هو عنصر مركزي – ولكن عملية التفكير في السياسات وإيجاد الحلول تتطلب الحديث وتناول ما هو بأيدينا من إمكانيات، والمحدد الثاني أن المتابع للتحديات التي يواجهها الشباب الفلسطيني يجد أنها تسير في حالة طردية مع الزمن.
تندرج التحديات التي يعاني منها الشباب الفلسطيني اليوم ضمن قائمتين من التحديات وهما: التحديات المتعلقة بالحياة اليومية للشاب الفلسطيني، كالبطالة, والعمل، وغلاء المعيشة .....الخ، والثاني وهو ماله علاقة بالفضاء السياسي الفلسطيني العام، كالمشاركة في السياسة العامة، والغياب عن مستويات صنع القرار ......
على الرغم من الانشغال الدائم لدى مختلف القطاعات المجتمعية والسياسية والتنظيمية والأكاديميين في محاولة تقليل الفجوة وتجاوز التحديات، إلا أن الباحث يرى أن مجمل الإسهامات لم تستطع من تحقيق المستوى المطلوب، وهذا يعود لعدة أسباب ومنها على سبيل المثال لا الحصر، إما الاكتفاء بالطابع التشخيصي للإشكاليات، أو الذهاب إلى المعالجات الجزئية للقضايا والتحديات.
وهنا لا بد من تناول التحديات التي تواجه الشباب الفلسطيني اليوم ضمن إطار ناظم وقادر على تقديم الحلول والسياسات التي من شانها أن تقلل من حدة هذه التحديات وتستطيع أن تقلل الفجوة بين المعالجة النظرية والواقع العملي، وهو ما تأمل أن تقدمه هذه الورقة أولاً، وما يشكله هذا المؤتمر من إضافة نوعية ثانياً.
الشباب الفلسطيني : مسيرة وانجازات
تعددت وتنوعت مساحات الانجاز للشباب الفلسطيني سواء على المستوى النضالي الوطني أو على المستوى الديمقراطي المؤسسي. فعلى المستوى النضالي لقد لعب الشباب الفلسطيني دوراً ريادياً في المجتمع الفلسطيني بدءاً من النكبة الأولى عام 1948, وتشكيل البؤرة الطلائعية الأولى للحركة الوطنية الفلسطينية منذ تأسيسها, وفي هذا الإطار كان الشباب الفلسطيني هم قيادة التنظيمات الفلسطينية بمختلف توجهاتها اليسارية والإسلامية والوطنية, كما كانت السجون معقلاً وطنياً مسيطراً عليه من الشباب الفلسطيني.
أما على المستوى الديمقراطي المؤسسي، فكان الاتحاد العام لطلبة فلسطين والذي كان أحد أهم المؤسسات الوطنية والنقابية التي تأسست في الخمسينيات، ولم يكن الاهتمام بالقضايا الطلابية المعروفة الدافع الرئيس من وراء إنشاء الاتحاد، بل الأمر تعدى ذلك فقد كان الهدف هو تجميع شباب وطلاب فلسطين في شكل من أجل الحفاظ على هويتهم الوطنية والقومية والمساهمة العملية في النضال من أجل تحرير فلسطين, حتى أصبح الاتحاد فيما بعد ممثلاً للشباب الفلسطيني في المحافل الدولية والعربية.
وتلا ذلك الدور الريادي للشباب الفلسطيني في الجامعات والكليات الفلسطينية، فقد كانت مسرحاً لنشاط وطني واجتماعي بدأ يبرز منذ أواخر السبعينيات, ولم تكن الجامعات والكليات مجرد أماكن للدراسة، فلقد كانت خلية من النشاط والحركة, فعدا عن تنظيم الفعاليات الوطنية والمظاهرات ضد الاحتلال الإسرائيلي، فقد قامت الأطر الطلابية ومجالس الطلبة بتنظيم المهرجانات وقيادة العمل الوطني بكافة أشكاله.
كذلك لم يقتصر دور الشباب الفلسطيني على البداية بل انه الأقدر تاريخياً على إعادة الوجود وتوجيه البوصلة، فعندما ضعفت الحركة الوطنية الفلسطينية قاد الشباب الفلسطيني الانتفاضة الفلسطينية الأولى، والتي ما زالت رمزاً، ومنهجاً، يستعصي تكراره، وكل هذا لان الشباب كانوا قيادته، وفاعليه.