لو أنّ ناصر أبو حميد أوكرانياً؟!
لو أن ناصر أبو حميد من ذوي العيون الزرقاء والجلدة البيضاء، لو كان أوكرانيا مثلا حتما سيتفاعل العالم الحرّ المنافق بطريقة مختلفة تماما، سيخرج المكيال الذهبي لحقوق الانسان، سيعدّد ويحدّد ويوضّح ويفضح الجريمة بكلّ أبعادها، الإنسانية والقانونية والأخلاقية، سيذرف كلّ دموعه السياسية والدبلوماسية، سيبكي عيون أمهات العالم وسوف يستثير كلّ الاحاسيس العميقة لرجال الفنّ والادب والاعلام المرهف الإحساس مع القضايا الإنسانية، لن يبقي في العالم إنس ولا جانّ إلا وقد استخرج ما لديه من مشاعر ودموع وكلّ أدبيات العطف والإحسان، ستصبح قضية أبو حميد الاوكراني قضية الانسان للعالم أجمع، وسيصبح عنوانا للصحافة والاعلام والإنتاج الهوليودي العظيم، سيدخل عالم النتفليكس وستحظى الاعمال الدرامية والسينمائية الدعم الكافي لإخراجها بأبهى صور الإنتاج الفنّي العالمي ، ستنهال الملايين على كلّ من يبدي الاستعداد لتناول أبو حميد الاوكراني سينمائيا، وسيتسابق ويتنافس المخرجون القادرون على التقاط الفرص الذهبية لأعظم الانتاجات الدرامية.
وستقوم ماكينات الإبهار والتلميع والترويج بشيطنة هؤلاء المجرمين الذين يمارسون الجريمة بكل اشكالها البشعة ، لن يجد الناس صورة أسوأ واشدّ قذارة وحقارة للمجرم من تلك التي سوف يصدّرها هذا العالم الحرّ المنافق عن هذا المجرم، ولن نجد وصفا او صورة للجريمة أفظع من التي يصدّرها هذا العالم، سنرى الشيطان في عيونهم وسنرى رؤوس الشياطين كلّها قد اشتركت في هذه الجريمة النكراء.
لو أن أبو حميد أوكرانيا لظهر الشيطان الأكبر في روسيا ولتحرّكت المسيرات والمظاهرات مرهفة الحسّ الإنساني والحيواني احتجاجا على هذه الجريمة النكراء وإدانة للمجرم ومطالبة بأشدّ العقوبات الاقتصادية وإنزال اشدّ ما نصّت عليه مواثيق الامم المتحدة وقوانين جنيف الخاصة في الاسرى، ولطالبت هذه الالاف المؤلفة حكوماتها بسحب سفرائها وضرب حصارها وطرد رعاياها وملاحقتها في كلّ المحافل الدولية وسدّ أفقها في كلّ المجالات الحياتية.
لو أنّ أبو حميد أوكرانيا لقام العالم الحرّ المنافق ولم يقعد، فأمام ما تشهده الشوارع الملتهبة بالمسيرات والاحتجاجات وامام صور الانسان الذي يحتضر ويعدّ لحظاته الأخيرة وامام تلك الصورة التي يبدو الشيطان بأسوأ صوره مرسومة على محيّى ذاك المجرم القائم على تعذيبه، للعبت تلك الحكومات دورها ولحرّكت كلّ اللوبات الضاغطة من أجل إطلاق سراحه وإرسال أرقى الطواقم الطبيّة لعلاجه.
أمّا وقد ثبت لهم أن أبو حميد فلسطينيا بما لا مجال للشكّ في جنسيته، فسيختفي مكيال الذهب وسيخرجون لنا مكيال التنك الذي ران عليه الصدأ واهترأ منذ سنة ثمانية وأربعين، ناصر أبو حميد الفدائي الفلسطيني الحر لا بواكي له عندهم، ولكن لتعلم دولة الاحتلال أنّ وزنه عظيم عندنا، لنا نحن ميزان من ذهب سيوزن به أبو حميد وكل اسرانا وستدور الدائرة وعجلة التاريخ لتنبأ بمستقبل مشرق عزيز كريم بإذن الله، وسيعلم الذين ظلموا ايّ منقلب ينقلبون.