لماذا أقدمت إسرائيل على اغتيال قادة الجهاد؟!

 

منذ أشهر مضت ومع تولي حكومة اليمين بزعامة نتنياهو، هناك شعور في أوساط اليمين الحاكم انه يفشل في ترجمة أفكاره اليمينة الى سياسات على ارض الواقع وان خطة الضم الصامت في الضفة الغربية باتت تؤول الى الفشل، الى جانب حالة من التآكل المستمر لقوة الردع الإسرائيلي امام قوى المقاومة في قطاع غزة، وليزداد الطين بلة فان التقارير الواردة من سوريا تشير الى تعاظم القوة الإيرانية هناك رغم تكرارا القصف الإسرائيلي لأهداف داخل سوريا.

هذا المشهد المحلي غير منفصل عن مشهد إقليمي اخر مشابه في تغيراته وتحولاته المعاكسة لما تشتهيه إسرائيل، فايران أقرب من أي وقت مضى لأن تصبح قوة نووية وذات تثير مضاعف في المنطقة... التفاته سعودية، تصالحية على الأقل، تجاه المحور المعادي لإسرائيل، انتخابات تركية قريبة تشير توقعاتها الى فوز جديد لأردوغان خصم إسرائيل اللدود في تركيا، عودة سورية الى الجامعة العربية، هذا المشهد ينعكس أيضا على حالة الصدام لحكومة اليمين مع المعارضة في إسرائيل وفشل اليمين في ترجمة رؤيته للمجتمع الصهيوني الى واقع، وفي ظل هذه المعطيات مجتمعة ما الذي حصل في الأسابيع الثلاث الأخيرة؟

تزامن هذا العام عيد الفصح اليهودي، أحد أهم الأعياد اليهودية، مع العشر الاواخر في رمضان، فما كان من نتنياهو الا أن رضخ لتهديد المقاومة ومنع المستوطنين اقتحام ساحات الأقصى خوفا من اندلاع  جولة مواجهات مع الفلسطينيين الذين يعتكفون في المسجد الأقصى بعشرات الالاف في العشر الاواخر من رمضان، قبل ذلك كانت المقاومة قد اطلقت حوالي 40 صاروخا من الجنوب اللبناني ردا على استفزازات الاحتلال واعتداءاته في القدس وغزة، هذه الصواريخ جاءت مفاجئة لإسرائيل ليس من حيث التوقيت فحسب بل من حيث مكان الاطلاق أيضا وقد أسهمت في ضرب قوة الردع الإسرائيلي المتراجع أصلا امام القوى الفلسطينية المقاومة.

لم يلبث نتنياهو أن ينسى صواريخ المقاومة من الجنوب اللبناني والتي أثارت موجة من الخلافات داخل ائتلافه الحاكم، حتى جاء رد المقاومة في غزة على استشهاد البطل خضر عدنان سريعا ومستهينا بقدرة إسرائيل أو بقوة ردعها، ليجد نتنياهو نفسه مرة جديدة أمام وابل من الاتهامات بالضعف والتخاذل وتفضيل مصالحه الشخصية على هيبة الكيان وأمن مستوطنيه، وهذه الاتهامات لم تأتى فقط من المعارضة بل أيضا من أعضاء ائتلافه. وهنا قرر نتنياهو أنه لا بد من توجيه ضربة قويه لقطاع غزة المتمرد والرافض أن يسلم بقوة الردع الإسرائيلي.

أراد نتنياهو تحقيق عدة أمور من وراء اغتيال قادة الجهاد الإسلامي ابرزها:

- الحفاظ على ائتلافه اليميني الحاكم متماسكا لأطول وقت ممكن.

- استعادة هيبة الردع خاصة بعد أحداث رمضان وفي ظل ضغط المؤسسة الأمنية بهذا النحو.

- ظهور نتنياهو نفسه كشخص قوي قادر على اتخاذ قرار المواجهة مع قطاع غزة بعد أن وجهت له الاتهامات المختلفة بأنه يتخاذل أمام حماس ويقدم لها التنازلات.

- محاولة ضرب قدرات المقاومة في غزة ودفعها الى الوراء عبر استهداف ورش تصنيع وإنتاج الصواريخ.

- محاولة نتنياهو استعادة شعبية حكومته المتراجعة الى مستويات غير مسبوقة في استطلاعات الرأي الأخيرة أمام قوى المعارضة.

 

وفي الختام يبقى التساؤل الأهم ..

هل ستستطيع إسرائيل أن تحقق أهدافها من وراء هذا العدوان على قطاع غزة أم أنها ستكون مجرد جولة قتالية تعود فيها الأمور سريعاً الى نفس النقطة التي بدأت منها.؟!