قراءة في مسودة قانون حماية الأسرة
لا يخفى على الكثير منا ما أثاره قانون حماية الأسرة في فلسطين من جدل واسع بين مؤيد يرى أنه قانون مهم لحماية الأسرة خاصة حماية النساء والأطفال وبين معارض يرى أنه قانون مخالف للشريعة الإسلامية تسعى الدول الغربية من خلال فرضه علينا إلى تدمير أسرنا وتفكيكها [1]، هنا يجدر الإشارة إلى أن هذا القانون لم يتم اعتماده حتى اللحظة كقانون ساري في فلسطين، هذا القانون يوجد تشابه بين مواده ومواد اتفاقية سيداو الأمر الذي أدى للقول أنه مستنبط من اتفاقية سيداو ويسعى لتطبيق اتفاقية سيداو التي وقعت عليها السلطة الفلسطينية [2] [3]، مع العلم أنه يوجد نفي رسمي من وزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية لوجود علاقة بين اتفاقية سيداو وقانون حماية الأسرة [4]، إذا قرأت مسودة قانون حماية الأسرة في فلسطين لأول مرة فإنك ربما ستقول أنه قانون جيد وأنه ليس لمواده أي علاقة باتفاقية سيداو، أما إذا تعمقت فيه وفي كل كلمة وردت فيه فإنك ستجد أنه قانون خطير وأنه قانون تم تضمين أفكار اتفاقية سيداو داخل نصوصه بشكل غير مباشر وغير قابل للملاحظة لمن يقرأ القانون لأول مرة، مسودة قانون حماية الأسرة في فلسطين خضعت للعديد من التعديلات إلى أن وصلنا اليوم إلى المسودة الأخيرة التي صدرت هذا العام والتي تتكون من 46 مادة [5]، هنا لن أتحدث عن اتفاقية سيداو والعلاقة بينها وبين قانون حماية الأسرة وإنما سأركز هنا فقط على مناقشة مسودة قانون حماية الأسرة في فلسطين بنسختها الأخيرة.
سأجمل رأيي حول هذا القانون في نقاط محددة تحاول تسليط الضوء على بعض ما ورد في هذا القانون حيث أنها لا تغطي كل شيء متعلق به فنقاش كل ما ورد فيه بحاجة لكتابة صفحات كثيرة:
1) في البداية أنا مع إقرار قانون فلسطيني يتدخل في مشاكل الحيز الخاص -أي الأسرة- ويعمل على محاسبة الذين يعنفون الآخرين سواء كان الذي يقوم بالتعنيف هو الزوج أو الزوجة أو الأولاد، وسواء كان الذي يقع عليه التعنيف هو الزوج أو الزوجة أو الأولاد.
2) صحيح أنني مع إقرار قانون يحاسب الذين يقومون بالعنف داخل الأسرة، ولكن السؤال هنا هو ما المقصود بالعنف؟، باعتقادي أن أحد إشكاليات قانون حماية الأسرة هو أنه يوسع بشكل كبير جداً دائرة ومفهوم العنف الذي تحاسب عليه الدولة، فمثلاً يعرف قانون حماية الاسرة العنف النفسي بأنه: "توجيه ألفاظ بذيئة أو ممارسة التهديد أو الوعيد أو الذم أو الشتم أو الترهيب أو القذف أو التشهير أو تشويه السمعة" [6]، للوهلة الأولى قد ترى أن التعريف ليس فيه مشكلة، وهنا يجدر الإشارة لأمر -قبل الاستفاضة في الحديث عن العنف النفسي- يشير إليه قانون حماية الأسرة وهو تعريف المتهم: "كل شخص ذكراً كان أو أنثى تقام عليه دعوى جزائية في إطار العنف الأسري" [7]، وبالتالي المتهم قد يكون أنثى أو ذكر.
بناء على تعريف المتهم وتعريف العنف النفسي تخيل أنك كأم أو أنك كأب رجعت من عملك في يوم من الأيام ولديك ضغط نفسي كبير وغضب نتيجة ظروف العمل وقمت بالصراخ على ابنك أو ابنتك مع العلم أنك تحبهم جداً وتعاملهم كأصدقاء وتوفر لهم كل ما يحتاجونه سواء كان احتياجاً مادياً أو معنوياً، وتخيل أن ابنك أو ابنتك مراهقة ومعروف لدى الجميع أن سن المراهقة هو سن تقلبات المزاج وسن يحدث فيه تمركز حول الذات حيث تتضخم الأنا والاعتزاز بالشخصية لدى المراهق وبالتالي فصراخك عليه يخلق لديه غضباً شديداً مع أنه يحبك كثيراً، وهنا قد يُتبع المراهق غضبه وانفعاله ويتصل على شرطة حماية الأسرة فتأتي وتحقق مع الأهل أو تعتقل الأب أو الأم، سيقول قائل أنه سيفرج عن الأهل بما أنه صراخ فقط، صحيح هذا الكلام ولكن أريدك أن تتخيل ماذا ستكون طبيعة العلاقة بين الأهل والولد بعدما طلب لهم الشرطة.
وتخيل أن المرأة صرخت في وجه الرجل أو العكس نتيجة لضغوط يمرون فيها، مع العلم أنهما يحبان بعضهما البعض كثيراً، تخيل أن أحدهما قام باتباع انفعاله وشكى على الآخر، كيف ستكون طبيعة علاقتهما بعد أن أتى أحدهما للآخر بالشرطة؟، أنا أدين العنف الأسري وأؤيد وجود قانون رادع ولكن أيضاً مع فكرة أن نعيد تعريف العنف النفسي بحيث يشمل حالات معينة فعلاً نستطيع القول عنها أنها عنف نفسي، حيث تكون هذه الحالات ليست فقط صرخة أو كلمة جارحة عابرة قيلت في لحظة غضب، كلنا نمر بلحظات غضب معينة فنغضب على من نحب أحياناً.
3) تعرف مسودة قانون حماية الأسرة العنف الاقتصادي بأنه: "المنع من العمل أو الإجبار عليه أو السيطرة على عوائده، لتطال تلك السيطرة كذلك الأملاك والحقوق الإرثية أو إخفاء النقود أو السيطرة على أي أموال منقولة أو غير منقولة مشتركة أو المنع من استخدامها أو التصرف فيها" [8]، هنا أتفق مع أمور في التعريف وأختلف مع أمور أخرى، أتفق مع فكرة أنه يجب محاسبة فرد الأسرة الذي يسلب الأموال الإرثية من أحد أفراد الأسرة فيسرق ماله الإرثي أو أرضه الإرثية أو العقارات الإرثية أو غيرها، وبناء على التعريف السابق للمتهم فقد يكون سارق الأموال الإرثية هو ذكر أو أنثى، وكذلك أتفق مع فكرة أنه يجب وجود قانون يحاسب فرد الأسرة الذي يسرق عوائد عمل فرد آخر من الأسرة أو يجبره على عمل معين.
اعتراضي هنا هو حول فكرة المنع من العمل، يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (( كُلّكُمْ رَاعٍ ومَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ؛ فَالإِمَامُ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ في أهْلِهِ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وهي مَسْؤُولَةٌ عن رَعِيَّتِهَا،.....)) [9]، ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (( من رَأَى مِنكُم مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذلكَ أضْعَفُ الإيمانِ)) [10]، تخيل لو أنني كأم أو كأب تعرضت لموقف أن ابني أو بنتي المندفعة القاصرة عمراً تريد العمل في مكان يخالف الشرع فتريد العمل في بيت دعارة أو مكان لبيع الخمر أو غيرها، هنا يجب أن أتدخل كأب وأم وأمنعهم عن هذا العمل وأوفر لهم عمل بديل آخر، فهنا أنا قمت كأب وكأم بمسؤوليتي تجاههم التي نصت عليها الشريعة الإسلامية، وهنا يجدر الإشارة إلى أن فيلسوف الحرية جون ستيوارت ميل يتحدث عن ثلاث فئات لابد أن يمارس عليهم وصاية من المجتمع ويتم التحكم في حريتهم ومنهم الصغار المندفعين الغير قادرين على حكم ذاتهم [11].
هنا أيضاً قد يمنع الرجل زوجته من العمل في مكان مخالف للشرع، وقد تمنع المرأة زوجها كذلك من العمل في هذه الأماكن بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق مغادرة بيتها أو مقاطعة زوجها وعدم الحديث معه أو القول له بأنها لن تعيش معه لحظة واحدة إذا امتهن هذا العمل وغيرها، وبالتالي الزوجة هنا قد تسجن أيضاً، باعتقادي يجب أن يعدل التعريف فيصبح يجرم فعل المنع من العمل في حالة لم يكن العمل يخالف الشرع، حيث أنه إذا كان العمل غير مخالف للشرع فأنت ليس لديك الحق أن تمنع الطرف الآخر من ممارسته.
4) تعرف مسودة قانون حماية الأسرة العنف الجسدي بأنه: ((أي ضرب من ضروب الإيذاء البدني والجنسي الذي يوقعه أحد أفراد الأسرة على غيره من أفرادها بغض النظر عن درجة جسامة الفعل)) [12]، أنا أؤيد هذه المادة لأن المساس بجسد الإنسان هو مساس بكرامته، طبعاً العنف الجسدي مرفوض سواء كان من الأب أو الأم أو الأولاد، وباعتقادي أن أي درجة من درجات العنف الجسدي هي مدانة ويجب أن يحاسب عليها القانون، وهنا يوجد أمران متعلقان بالشريعة وهما ضرب الزوج لزوجته وضرب الأولاد.
بالنسبة لضرب الزوجة فإن الرأي الشرعي الذي أميل إليه هو أن ضرب الزوجة غير جائز بكل أشكاله سواء كان ضرب مبرح أو غير مبرح، هذا الرأي قال به مجموعة من الفقهاء منهم التابعي الجليل المفسر عطاء بن أبي رباح حيث قال رحمه الله: (لا يضربها وإن أمرها ونهاها فلم تطعه، ولكن يغضب عليها) [13] [14]، حيث فسروا الآية التي تتحدث عن ضرب النساء وهي الآية القرآنية: ((وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ)) بأن معناها هو إظهار عدم الرضا، يوجد تفسير آخر لمعنى الضرب ولكنه ليس لعطاء بن أبي رباح ولم أجد أحد من العلماء الكبار تحدث به سأورده بعد قليل، قال ابن الفرس عن رأي عطاء بن أبي رباح وغيرهم من الفقهاء الذين لا يجيزون الضرب: (وأنكروا الأحاديث المرويَّة بالضرب) [15] .
وحتى لو كنت تؤيد الرأي الذي يقول بجواز ضرب المرأة فأنصحك أن تقرأ ما قاله العالم المفسر الطاهر ابن عاشور في تفسير التحرير والتنوير: (وأمّا الضرب فهو خطير وتحديده عسير، بيد أنّ الجمهور قيّدوا ذلك بالسلامة من الإضرار، وبصدوره ممّن لا يعدّ الضرب بينهم إهانة وإضراراً، فنقول: يجوز لولاة الأمور إذا علموا أنّ الأزواج لا يحسنون وضع العقوبات الشرعية مواضعَها، ولا الوقوفَ عند حدودها أن يضربوا على أيديهم استعمال هذه العقوبة، ويعلنوا لهم أنّ من ضرب امرأته عوقب، كيلا يتفاقم أمر الإضرار بين الأزواج، لا سيما عند ضعف الوازع) [16]، هنا يتحدث ابن عاشور عن جواز تقييد الحاكم للمباح -على فرض أنك تعتقد بأن الضرب مباح- في حالة أنه يرى أن الكثير من التجاوزات تحدث بين الأزواج حيث أن الضرب الذي يحدث هو ضرب مبرح وليس الضرب الغير مبرح والغير مؤذي -على فرض أنك تؤمن بأن الضرب مباح وأن المقصود في الإسلام من الضرب هو الضرب غير المبرح وغير المؤذي- وبانطباع أولي لم يثبت لدي بعد فإن الضرب المبرح بين الأزواج منتشر بكثرة، فعلى أي الرأيين تسير فإنك تنتهي إلى نتيجة مفادها جواز منع الحاكم الضرب بين الأزواج.
سيقول قائل هنا أنه يوجد آية تتحدث عن ضرب النساء حيث يقول الله تعالى: ((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا)) [17]، أعتقد أن الضرب هنا هو بمعنى ترك مسافة وفاصل بين الزوجين فقد يخرج الرجل مثلاً من بيته فهو بذلك يترك مسافة -بهذا الرأي تحدث الدكتور خليل زيود وهو دكتور في التربية ومفكر وله بحث حول معنى الضرب في الآية التي ذكرتها قبل قليل وأنا أميل لهذا التفسير مع العلم أنني لم أجد أحد من علماء الإسلام فسر الضرب في الآية بهذه الطريقة- [18]، الضرب في القرآن الكريم ورد بمعنى ترك مسافة ووجود فاصل حيث يقول الله تعالى عند الحديث عن المنافقين والمؤمنين: ((يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ)) [19] ، فهنا الضرب بمعنى وجود سور فاصل يفصل ويترك مسافة بين المؤمنين والمنافقين، وبالتالي فالضرب يأتي بهذا المعنى [20].
بالنسبة لضرب الأبناء فإن من أهم الأحاديث النبوية التي تتخذ كتبرير لمشروعية فكرة ضرب الأولاد هو حديث: ((مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع))، هذا الحديث حول سنده الكثير من النقاش في كونه صحيح أم ضعيف الإسناد [21].
شخصياً لست مع ضرب المرأة أو الأطفال أو الرجال -توجد نسب عالمية قليلة فيها المرأة تمارس العنف الجسدي ضد الرجل [22]-، فأنا مع تجريم الضرب والعنف الجسدي بكل أشكاله سواء العنف البسيط أو الشديد حيث أن الضرب فيه مس بكرامة الإنسان وليس أسلوباً تربوياً ومضاره أكثر بكثير من فوائده.
5) لم أجد مادة في مسودة قانون حماية الأسرة تتحدث عن تعدد الزوجات -ربما لم أنتبه لها أو كانت في نص مادة غير مباشر-، هنا يجدر الإشارة إلى أنه يوجد خلاف بين المذاهب الفقهية حول قضية تعدد الزوجات، فبعض المذاهب تقول أن الأصل في الإسلام عدة زوجات، ومذاهب فقهية أخرى تقول أن الأصل في الإسلام هو زوجة واحدة حيث لا يعدد الزوج إلا للضرورة [23]، شخصياً أنا أميل للرأي الثاني حيث أن التعدد باعتقادي هو يخضع للضرورة مثل أن الزوجة لا تنجب وغيرها من الضرورات، ولا يخضع لأهواء الرجل ومزاجه، فالتعدد الذي يكون مبنياً على الهوى والمزاج وليس مبنياً على الضرورة هو باعتقادي عنف ضد المرأة، وأعتقد أنه يجب وجود قانون يمنع التعدد إلا للضرورة التي ينظر فيها القاضي الشرعي ويقرر هل هي ضرورة حقاً أم لا، في المغرب يوجد قانون مشابه مطبق نستطيع الاستفادة منه، حيث في المغرب يسمح بالتعدد عند الضرورة التي يراها القاضي فعلاً ضرورة [24].
6) باعتقادي أن نقل حضانة الأولاد لخالهم أو جدهم أو غيرهم من الأقارب قد يكون أفضل من ناحية نفسية على الطفل من نقله لبيوت حماية تابعة للدولة، بالطبع أنا مع نقل الوصاية على الأولاد من الأب أو الأم ومحاسبتهم في حال كونهم معنفين عنف حقيقي لأبنائهم، ولكن إن كان لديهم أقرباء صالحون ويقبلون بذلك فأعتقد أن نقل الحضانة لهم أفضل من ذهاب الطفل لبيوت الحماية، بالطبع في حال تعذر ذلك فإن الحل الوحيد هو نقل الطفل الذي يتم تعنيفه لبيوت الحماية التابعة للدولة.
7) فيما يتعلق بالمثلية فإن قانون حماية الأسرة يشرع المثلية والزواج المثلي من خلال نصوص للوهلة الأولى سترى أنها نصوص عادية حيث أنها نصوص غير مباشرة لا تتحدث عن تشريع المثلية والزواج المثلي بشكل واضح وصريح، فمثلاً تعريف الأسرة في مسودة قانون الأسرة: "أفراد العائلة الذين تجمع بينهم رابطة الدم أو المصاهرة أو من ضم إلى الأسرة وفقاً لأحكام المادة (٤) من هذا القرار بقانون" [25]، المادة (٤) تقول أن الأسرة تتكون من عدة أمور منها: "الزوج والزوجة بموجب عقد زواج رسمي" [26].
ففي المادة (١) كلمة المصاهرة قد تحدث في الزواج المثلي أو غير المثلي، وهنا تأتي المادة (٤) لتقول أن الأسرة تتكون من زوج وزوجة بموجب عقد رسمي حيث لم تقل المادة أن الأسرة تتكون من زوج وزوجة بموجب عقد شرعي وإنما قالت رسمي، الزواج الرسمي قد يشمل الزواج الغير مثلي وقد يشمل الزواج المثلي، كما أنه مستقبلاً قد يأتي قانون آخر شارح وموضح لهذه المادة فيعتبر أن المقصود بالزواج الرسمي هو كل أنواع الزيجات منها الزواج المثلي.
إضافة إلى ذلك فإنه إذا نظرنا إلى تعريف العنف النفسي في مسودة قانون حماية الأسرة فإنه بناء على هذا التعريف إذا كان لديك ابن أو ابنة مثلية وحاولت أن تبين لهم خطأ هذا الفعل فإنك بذلك قد تجرح مشاعرهم وتسبب لهم أذى نفسي وبالتالي فأنت عنفتهم تعنيفاً نفسياً يعاقب عليه قانون حماية الأسرة بالسجن والغرامة، أيضاً تعرف مسودة قانون حماية الأسرة العنف الأسري بأنه: "كل فعل أو امتناع عن فعل يصدر عن أحد أفراد الأسرة على غيره من أفرادها" [27]، بناء على هذا التعريف فلو قمت بمنع أحد أفراد أسرتك من ممارسة المثلية فإنك بذلك تمارس العنف الأسري الموجب للعقوبة وفق قانون حماية الأسرة، هنا ما ينطبق على المثلية ينطبق أيضاً على الإجهاض حيث أنك إن حاولت منع زوجتك عن هذا الفعل فأنت تمارس عليها عنف أسري وعنف نفسي.
8) هذه بعض الانتقادات والاقتراحات والموافقات للقانون، بالطبع أنا تحدثت عن بعض مواد القانون وليس جميعها لضيق المقام هنا، باعتقادي يجب فتح نقاش حول صياغة هذا القانون بين مختلف فئات المجتمع سواء الليبرالي أو العلماني أو النسوي أو الإسلامي أو الاشتراكي أو غيرهم، أما أن يتم فرض رأي بعض الجمعيات النسوية على كل فئات المجتمع فهذا أمر خاطئ ويتعارض مع الديمقراطية والحريات التي تنادي بها هذه الجمعيات، إضافة إلى ذلك فإنني أرى ضرورة العمل على صياغة قانون جديد يحمي الأسرة ويكون متوافق مع الشريعة الإسلامية، والعمل -بعد إيجاد هذا القانون الجديد- على حشد رأي عام داعم لهذا القانون الجديد.
[1] تمارا معلوف، "مشروع قانون حماية الأسرة بين مد وجزر،" موقع مفتاح، 23 يوليو/ تموز 2020 (تاريخ التصفح: 14 إبريل/ نيسان 2022)،
http://www.miftah.org/Arabic/Display.cfm?DocId=15437&CategoryId=9
[2] منظمة الأمم المتحدة، "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"، 0360793، (الولايات المتحدة الأمريكية: 1979)،
https://www.mediafire.com/file/mtzbyttcxzt23tx/CEDAW.pdf/file
[3] مقابلة مع المحامية زينب السلفيتي، مكتب السلفيتي للمحاماة، 25 فبراير/شباط 2021، فلسطين، https://www.facebook.com/watch/?v=142176561106546
[4] "وكيل التنمية يرد على منتقدي مشروع قانون حماية الأسرة من العنف"، موقع رام الله الإخباري، 6 يوليو/ تموز 2020 (تاريخ التصفح: 14 إبريل/ نيسان 2022)، https://ramallah.news/post/160630/%D9%88%D9%83%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%8A%D8%B1%D8%AF-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D9%86%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%8A-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%86%D9%81
[5] مجلس الوزراء الفلسطيني، "مشروع قرار بقانون حماية الأسرة من العنف"، (فلسطين: 2022)، https://www.mediafire.com/file/6ntu4sv3uyy7kv0/family+protection+law.pdf/file
[6] المرجع السابق، ص 2.
[7] المرجع السابق، ص 3.
[8] المرجع السابق، ص 2.
[9] صحيح البخاري
[10] صحيح مسلم
[11] موقع سترنج فيكسر، "جون ستيوارت ميل،" (تاريخ التصفح: 14 إبريل/ نيسان 2022)،
https://stringfixer.com/ar/John_Stuart_Mill
[12] مجلس الوزراء الفلسطيني، مرجع سبق ذكره، ص 2.
[13] دار الإفتاء المصرية، "دار الإفتاء توضح الحكم الشرعي الصحيح في ضرب الزوجة،" موقع مصراوي، 1 ديسمبر/ كانون أول 2014 (تاريخ التصفح: 14 إبريل/ نيسان 2022)،
https://www.masrawy.com/islameyat/fatawa-nesaa/details/2014/12/1/400823/%D8%AF%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%A1-%D8%AA%D9%88%D8%B6%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D8%B9%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%8A%D8%AD-%D9%81%D9%8A-%D8%B6%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%88%D8%AC%D8%A9?fbclid=IwAR1x26r5hBlMnEareN9EJLUxI2QzbE7MFCNzE8OoUu29R2oq7v3JC2V230g
[14] معتز الخطيب، "هل استشكل العلماء السابقون ضرب الزوجة الناشز (2)،" موقع الجزيرة، 22 فبراير/شباط 2022 (تاريخ التصفح: 14 إبريل/ نيسان 2022)،
[15] دار الإفتاء المصرية، مرجع سبق ذكره.
[16] المرجع السابق.
[17] سورة النساء، آية 34.
[18] خليل زيود، "أبناؤنا بين مطرقة الأهل وسندان الواقع،" 9 ديسمبر/ كانون أول 2013 (تاريخ التصفح: 14 إبريل/ نيسان 2022)،
https://www.youtube.com/watch?v=BOSjxNFG1nE&list=PLX_YCO3CLOWmpAg2sKJWQH8fKy5UtkKAN
[19] سورة الحديد، آية 13.
[20] خليل زيود، مرجع سبق ذكره.
[21] مدحت صفوت، "دعوة لإعمال العقل...،" موقع اليوم السابع، 12 يوليو/ تموز 2016 (تاريخ التصفح: 14 إبريل/ نيسان 2022)،
[22] موقع ellearabia، "نساء يستمتعن بضرب أزواجهن،" 8 ديسمبر/ كانون أول 2017 (تاريخ التصفح: 14 إبريل/ نيسان 2022)،
[23] وزارة الأوقاف الكويتية، الموسوعة الفقهية الكويتية، الطبعة الثانية (الكويت، دار السلاسل).
[24] حليمة أبروك، "تعدد الزوجات في المغرب شروط صارمة ولكن،" موقع أصوات مغاربية، 11 أغسطس/ آب 2017 (تاريخ التصفح: 14 إبريل/ نيسان 2022)،
[25] مجلس الوزراء الفلسطيني، مرجع سبق ذكره، ص 2.
[26] المرجع السابق، ص 3.
[27] المرجع السابق، ص 2.