شعارات اسلامية ودعم للمقاومة تصبغ الشارع الفلسطيني .

تميزت الهتافات خلال انتفاضة الحجارة الشعبية 1987 وانتفاضة الاقصى 2002 بلونها وتلونها الحزبي والاييولوجي تبعا للانتماء السياسي والمناصرة الشعبية للقوى الفلسطينية الفاعلة في الميدان بخاصة جناحي المعادلة الفلسطينية حماس وفتح .

ولا يخفى على مراقب حال الواقع في الساحة الفلسطينية التي شرخهااتفاق اوسلو عموديا وافقيا وفي الاتجاهات الألف ، وترك تداعيات في خطوط الطول والعرض الوطنية والثوابت ، وايضا في سياقات الخطاب والوعي والثقافة والتعبيرات المتفرعة عن ذلك في أبجديات المقاومة ودلالاتها الذاتية والعامة والموضوعية وصولا لتعبيرها عن ذاتها بالشعار والهتاف وخلافه .

كمراقب واعلامي لفت نظري التحول الكبير والواسع في حضور الرؤى الاسلامية وتلك المقاومة في الشارع والمجتمع بخاصة الجامعات والمعبرة عنها من خلال الهتافات والشعارات والاغاني الملهمات في تشييع الجنائز ونعي الشهداء والبيانات والمسيرات وفي الوقفات الشعبية والتضامنية والاغاني والاناشيد والافراجات بشكل جذري لا يمكن المرور عنه مرور الكرام لإرتباطه بتراكمية ثقافة المقاومة وبالتالي دعمها  والإنحياز لرؤيتها ومسارها .

من المهم الاشارة والاشادة بالجهد الاعلامي والتعبوي التي تقف خلفه وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الاعلامية لقوى المقاومة وأنصارها ومؤيديها في جهود تلتقي معا وتصب في ذات الخانة الداعمةللمقاومة وادواتها .

ولا تقتصر الهتافات والشعارات واللافتات على دعم المقاومة بصبغة اسلامية بل تتعداها للنقد اللاذع والقاسي للسلوك اليومي والسياسي للسلطة الفلسطينية في مجالات سياسية واخرى تتعلق بالحريات السياسية والتعبير والحريات الاعلامية وحق المجتمع افرادا وجماعات في التظاهر والتعبير عن الرؤى كحق كفله القانون الفلسطيني الأساس وقانون المطبوعات والنشر للعام 1996 وغيره من قرارات المجلس التشريعي الاول في عهد الراحل ابو عمار .

وعند العودة للحريات العامة نجد في ساحة الضفة الغربية التي تسيرها حكومة تدعم وتعبر عن رؤى الرئيس ابو مازن السياسية وبالتالي عن المنظمة ، تتعثر تلك الحريات بتغييب حضور الحركات الاسلامية في الساحة المجتمعية في وضع أقرب للحظر والمنع وتميزه تفاصيل الملاحقة والاعتقال وتبعاتهما .

تشييع الشهداء.

وتطغى من خلال المتابعة هتافات اسلامية وشعارات المقاومة على تشييع الشهداء فضلا عن التجمع الذي يلي الاعلان عن الاستشهاد ، شعارات وهتافات وبيانات تحمل روح الفكرة الاسلامية سواء كان انتماء الشهداء للحركات الاسلامية وتمثله حماس والجهاد اوالفكر الوطني العلماني ورأسه فتح وحركات محدودة الحضور والتأييد والفكر اليساري الذي يلتقي بعضه في المقاومة مع التيار الاسلامي .

هتافات اسلامية عريقة في التشييع في جنين ونابلس على وجه الخصوص مثل " الله غايتنا والرسول قدوتنا والجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله اسمى أمانينا " و" الله اكبر ولله الحمد " لا تكاد تغيبان عن تشييع او نعي او سرداق عزاء .

وتناقلت وسائل الاعلام المختلفة وداع الشهداء بهتافات تعيد سير الصحابة في تفاصيب التشييع كهتافات : يا عمر يا ابن الخطاب ، جبنلك شيخ الشباب " وقولهم " يا خالد يا ابن الوليد ـ جبنالك عريس جديد" .

الرايات واللافتات هي الاخرى تفرض نفسها احيانا وتمنع وتنزع كثيرا من ميادينها في التشييع واستقبال الاسرى المفرج عنهم ، دلالة على تجذر الفكر الاسلامي والمقاوم وتعبيرات عن الدعم له وتبنيه والوقوف خلفه لاعتبارات سنأتي على ذكرها في سياق النص .

الأغاني والأناشيد .

وتمثل الأناشيد الشعبية والاسلامية والوطنية روحا مؤثرة في ندى التحام الشارع مع مشروع المقاومة ولوحظ ذلك بكثافة نابلس وجنين ومع بروز وحضور كتيبة جنين في جنين وعرين الاسود في نابلس ، وسرعان ما يتم كتابة وتلحين واخراج اغاني ملهمة واناشيد الغضب الاسلامي في زمن قياسي تمجد الشهداء والمقاومة والمقاومين للاحتلال يتبناها جيل الفتية والشباب ومنها : طلت عرين الاسود ، تشعل الدنيا بارود " و" شوف شوف شوف ، أعلنها عالمكشوف ، وسلاح الكلاشنكوف " و " تشهد علينا ، حارة الياسمينا " وهذه وعداها انتشرت انتشار النار في الهشيم ، على مواقع التواصل ومنصاتها ، في الافراح ، والمسيرات الداعمة لعرين الاسود ودعما لذوي الشهداء .

ويمكن للمواطن العادي سماع سيلا من الاناشيد وأغاني المقاومة الممجدة للشهداء وعرين الاسود على وجه الخصوص في الشوارع وفي المحلات التي تعرض شاشات التلفزة بينما تمتليء صفحات التواصل وخاصة الفيس بوك والتوك توك بمقاطع مماثلة ترفع من مؤشر القبول والدعم لتيار المقاومة ورفض الاحتلال.

وتقوم الاغاني والاناشيد بتعداد اسماء الشهداء والمطلوبين للاحتلال والاسرى والجرحى في خطوة تخليدية لجهدهم وجهادهم ومقاومتهم وبطولاتهم مترافقة مع التغني ببندقية ام 16 والكلاشنكوف ورشاش ال 500.

والدة النابلسي .

والدة الشهيد ابراهيم النابلسي واحدة من الايقونات الفلسطينية التي تركت أثرها ولا زالت تبعث الهمة والارادة والعنفوان في النفوس وتلهم كل من يراها أو يسمع كلماتها  التي  أعقبت الاعلان عن استشهاد نجلها ابراهيم والى اليوم .

ماذا فعلت أم ابراهيم ؟!

سؤال لا يحتاج أجوبة بل سرديات لمؤشر الروح المعنويى التي أبدتها تلك المرأة الفولاذية المدرعة بإيمان عبرت عنه أنه فداء لله وأنه شهيد عند مولاه وتودعه بالزغاريد  والرضا عائدة بكل من يسمع ويشاهد لنماذج الصحابيات في الصبر والشكر على البلاء .

أمهات الشهداء طوافات .

ظاهرة تجمع أمهات الشهداء في جنين ظاهرة تفتحت للعلن يطفن على بيوت الشهداء في الضفة الغربية ويدعمن عائلات الشهداء حديثي الاستشهاد ويزرعن روح التصحية والصبر والتكافل من صلب دعوة الاسلام وفكرته النقية والمعطاءة هي الاخرى لها حضور يتنامى في واقعنا الذي يشهد مزيدا من التعاضد والتكافل والدعم النفسي والاخلاقي والوطني والديني كواجب منهم من واجبات الانتماء للوطن والدين والتمسك بهما .

وفي حالة الفدائي الشهيد الجريء عدي التميمي كان لها رونق خاص بحكم تمكنه من الاختفاء من ملاحقة أمن الاحتلال له بكل ما أوتي من قدرات وتقنيات وقام بمفاجأتهم بعد 11 يوما أمام بوابات مغتضبة معاليه أدوميم شرق القدس .

وحذى العشرات من مخيم شعفاط مسقط رأس التميمي حذوه بحلق شعر رؤوسهم للمساعدة في التخفي والتمويه كخطوة حماية من الحاضنة الشعبية بينما صدحت الحناجربإسمه في مناسبات عديدة ونشر صوره ومآثره التي كانت عمليته الجريئة واحدة من تلك المآثر .

حفلات الاعراس المنتشرة في أرجاء الضفة الغربية كان لها نصيب لافت من الحضور تتغنى وتمجد الشهداء وتهيج معها المشاعر مع ذكر الشهيد وهي تعبيرات عن الدعم لمشروع المقاومة وإسنادها الشاعري والعاطفي في سياق الفن الشعبي .

وتمكنت المقاومة من عبور الجغرافيا الفلسطينية في الديار الحجازية المقدسة عندما نشر معتمرون بطاقات مصورة تفيد بتأدية سنة العمرة عن شهداء المقاومة في هبتهم الأخيرة وتحديدا خلال العام الجاري ، ويسجل ذلك هدفا من اهداف حضور المقاومة في سلوكيات العبادة والتضامن مع فكر المقاومة كواحد منهم .

حضور الضيف وأبوعبيدة.

وفي اتون اشتعال معركة سيف القدس التي كان عمادها القدس والاقصى وحي الشيخ جراح كانت الشعارات والهتافات والتمجيد يختص بها القائد العسكري للقسام محمد الضيف والناطق بإسمها الملثم الاحمر أبو عبيدة ، إذ نقلت وسائل اعلام في تقارير مكتوبة نقلا عن شبان مقدسيين قولهم إن ضابط الشرطة الاسرائيلي كان يطلب منهم عدم الهتاف للضيف والهتاف بأسماء أخرى لأن اسمه كان يحدث الغيظ والقهر في نفوس الشرطة التي تفاجأ بترديد اسم الضيف كوسيلة تحدي وكيد نفسي .

وأكثر من ذلك روى لي أسير محرر أن عديد فتيان وشباب القدس الذين اعتقلهم الاحتلال وقدمهم للمحاكمات لمقاومتهم المستوطنين والشرطة ومنع تدنيس الاقصى واقتحامه ، انهم كانوا يطلبون الحياة في أقسام حماس الاعتقالية ، وعندما يتم سؤالهم عن السبب وهم ليسوا من الملتزمين دينيا يكون الجواب : نريد العيش مع جماعة الضيف وأبو عبيدة في السجن .

ويبدو أن الدعم الشعبي والنفسي لتيار المقاومة والهتاف بشعاراتها تصب في خانة واحدة وفق ما سبق وهو نوع من الوفاء للمقاومة ورموزها بعد سنوات الضياع السياسي الذي أوصل ملفات القضية الفلسطينية لطحن الماء بالماء والدوران في المكان دونما انجازات تحققت في الطريق لدحر الاحتلال والتحرر من ربقته .

 

وختاما فإن الخلاصة فيما سبق يعتبر إيمانا بمشروع المقاومة وانها ضمن  تجليات لتوجه البوصلة الشعبية نحو خيار المقاومة وتبني لهذا الخيار الذي يرون في مفتاح الأمل لتحقيق أمانيهم واحلامهم و الوقوف خلف الثوابت الوطنية المشروعة .