العنوان: العنصرية الغربية في أبشع صورها
الكاتب: الدكتورة اميرة ابو الفتوح
تم نشر المقال في صفحة Middle east monitor ، في 7 مارس 2022
رابط المقال: https://bit.ly/3tYPqgE
ترجمة الاستاذ:محمد حسن ابو شنب
دائما ما كان الغرب يشدد على أهمية حقوق الإنسان، وحق جميع الناس بعيش حياة حرة كريمة، والمساواة بين جميع البشر. ولكن عندما يتعلق الأمر فعلا بذلك، فإن هذا القناع قد سقط، والوجه الحقيقي لعنصرية الدول الغربية البغيضة أصبح مكشوفا، هذه الشعارات عن المساواة تبينت بأنها زيف بعد الغزو الروسي لدولة أوكرانيا، هذه الشعارات فارغة المحتوى و المضمون لدرجة من الواضح لا يُؤمن بها، ناهيك عن تطبيقها بالقدر نفسه.
" هذا ليس مكانا- مع كامل احترامي- مثل العراق وأفغانستان التي تشهد نزاعا مشتعلا منذ عقود" هكذا قال صحفي أمريكي في شبكة سي بي إس. " هذه مدينة متحضرة نسبيا واوروبية نسبيا، على اختيار كلماتي بعناية فائقة، هناك لا تتوقع مثل هذا أن يحصل".
وأشار مذيع بريطاني على قناة الجزيرة الإنجليزية إلى الأوكرانيين الفارين من الحرب على أنهم، " شعب مزدهر ومن الطبقة المتوسطة، ومن الواضح انهم ليسوا لاجئين يحاولون الفرار من مناطق في الشرق الأوسط لا زالت في حالة حرب كبيرة، ليسوا لاجئين يحاولون الفرار من مناطق في شمال افريقيا، هم يبدون مثل اي عائلة اوروبية قد تعيش بجوارها".
على الرغم من أن معظم الأفارقة والآسيويين يعارضون الغزو الروسي لأوكرانيا، وعلى الرغم من تضامنهم الكامل مع الشعب الاوكراني. قررت الحكومة في كييف منع غير البيض من عبور الحدود بسهولة كما تفعل مع الأوكرانيين البيض. كما أعاقت الحكومة لاجئين هنود بسبب امتناع دولتهم التصويت على إدانة روسيا في الامم المتحدة.
لم تنبهنا الحرب الروسية الأوكرانية فقط إلى اختلال التوازن في العدالة وازدواجية المعايير في الدبلوماسية العالمية، لقد عملت على تأكيد ما كان كثيرون يشاهدونه ويقولونه منذ فترة طويلة ولكن تم تجاهلهم من قبل التيار السائد، إن المجتمع الدولي يغض الطرف عن قضايانا عندما يتعلق الأمر بفعل أي شيء لمعالجتها.
في الغرب، بشكل مفاجئ أصبحت المقاومة مقبولة في أوكرانيا امام الروس، حتى المتطوعون الأوروبيون يتم تشجيعهم على الذهاب إلى أوكرانيا لحمل السلاح ضد القوات الروسية، في غضون ذلك، نفس السياسيين ووسائل الاعلام الذين يباركون ذلك، ما زالوا يشوهون المقاومة الفلسطينية المشروعة ضد الاحتلال الاسرائيلي الوحشي والمستمر منذ عقود ويصفونها بالإرهاب، إضافة الى ذلك، يثنون على "دفاع إسرائيل عن نفسها" ويعتبرونها جزءاً من الحرب على الارهاب بغض النظر عن عدد المدنيين الفلسطينيين الأبرياء الذين قتلوا وتشوهوا اثناء ذلك.
عندما ذهب المقاتلون الأجانب للانضمام إلى إخوانهم في العراق للقتال ضد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة، وُصفوا أيضًا بأنهم "إرهابيون". وعلى نفس المنوال في سوريا، عندما تدافع مجموعات المعارضة السورية عن أرضها وحريتها امام نظام السفاح بشار الأسد المدعوم من روسيا وإيران، يُطلق عليهم أيضًا إرهابيون. في غضون ذلك، يصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووسائل إعلامه حربهم على أوكرانيا بأنها حرب ضد النازيين الجدد. هناك بالفعل لواء أوكراني معادي للسامية من النازيين الجدد الذين تورطوا في الحرب، على نحو معاكس، يقال إنه تم تسليحهم من قبل إسرائيل.
يتم تزويد أوكرانيا بالأسلحة بصورة علنية، بينما يتعين على الآخرين المشاركين في الدفاع عن أوطانهم الاعتماد على الدعم السري والتهريب للحصول على الأسلحة والذخيرة، كما أن أي شيء وكل شيء يُرسل إلى الفلسطينيين والسوريين، بما في ذلك المساعدات الإنسانية، يوصف بأنه من قبل الغرب على انه "دعم للإرهاب".
من الواضح الآن، في أذهان المسؤولين الغربيين ووسائل الإعلام لديهم، أنه من المقبول التصرف بناءً على التعميم القائل: لإعادة صياغة كلمات جورج اورويل، "المسيحيون جيدون، المسلمون سيئون، و الى الجحيم تداعيات ذلك المنعكسة على الشعوب المضطهدة و المحتلة في كل مكان"، و الذين هم في اغلب الأحيان من أتباع الدين الاسلامي. الحملات الصليبية ضد المسلمين ما زالت حية وبخير في القرن الحادي والعشرين، علانية وبدون خجل.
كان يجب أن نعلم أن هذا سيحدث في النهاية، الأمر لم يتوقف فقط على بقاءالجرح المستمر للاحتلال الإسرائيلي وصمة عار على الإنسانية وتذكيراً بما يحدث عندما يتغاضى من هم في السلطة عن القمع الاستعماري، ولكن الأحداث في البوسنة والهرسك في التسعينيات كان يجب أن تدق أجراس الخطر في جميع أنحاء العالم الإسلامي، عندما واجه مسلمو البوسنة إبادة جماعية وتطهيراً عرقياً على يد المسيحيين الأرثوذكس الصرب، إن المجتمع الدولي راقب الصرب وأشاد من خلف الكواليس، وحرص على إفشال قدرة المسلمين للحصول على السلاح، بعد فوات الأوان تدخل الغرب لتحسين صورته وذر الرماد في عيون العالم، لم يكن بالإمكان تمييز العديد من البوسنيين عن جيرانهم من الصرب؛ لكنهم قتلوا على جميع الأحوال، ببساطة لأنهم فقط مسلمون.
من هنا يبدو مفتاح أي تدخل غربي هو الإسلام، المكروه من قبل من هم في السلطة الى درجة " عدو عدوي صديقي"، لا شيء آخر يفسر تقاعس الغرب في مواجهة اضطهاد الصين للأويغور ومعاملة الهند لمواطنيها المسلمين.
على مستوى أكثر بساطة، و على الرغم من وجود تداعيات خطيرة له؛ كان القبول المفاجئ للتصريحات السياسية الصادرة عن الرياضيين والنساء. لاعب كرة قدم مصري مسلم لأنه يظهر دعمه للفلسطينيين في غزة؛ يعاقب من قبل الفيفا، الهيئة الحاكمة لكرة القدم العالمية. بينما يشاد بلاعبي واندية الدوري الانجليزي لإظهارهم الدعم لأوكرانيا، ولا عقوبة من الفيفا قيد النظر، بل انضم الاتحاد بفرض عقوبات على الفرق الروسية وكذلك الرياضيين والنساء.
هناك الكثير من التناقضات لسردها هنا، لكن الجميع يعرف ما هي، والتي تؤكد أننا نعيش في عالم بعين واحدة لا يرى الا ما يريد ان يراه. النفاق كلمة خفيفة جدا لوصف ما نشهده: العنصرية والكراهية الغربية في أبشع صورها.