الرصاصات التي أصابت ساقَيْ الشاعر أصابت قلوبنا جميعاً
ماذا دهاك يا نابلس جبل النار؟!
حيث تعانق في سمائك رصاص الغدر مع رصاص الاحتلال؟!
واختلطت الدماء الزكية: دماء العلماء بدماء الشهداء لتروي ثراك، لقد عهدناك يا نابلس ميدانا للعلم والعلماء ونهرا دافقا من دماء الشهداء، كيف سمحت بان يخرج الرصاص نشازا فيعكّر زمانك المشهود الذي تعاهدته أرواح الشهداء، ويروي على أرضك حكاية تختلف عن كل الحكايات، أنت المأوى الامن لكلّ الأحرار، في سمائك يحلّق علماء الدين والدنيا والأدباء والشعراء، وكان لك أن تحفري في المكان والزمان لشخصية فذّة جمعت بين كفيها آهات شهداء ارتحلت أرواحهم الى سابع سماء وحفرت السرّ عميقاً في قلبه الكبير لتجعل منه رسول وحدة وطنية وروحا جامعة لكل من أراد لهذا الوطن الجميل خيرا، وكان بين كفّيه أيضا رسائل حريّة خطّها أسرى الحرية عندما كان معهم وحمّلوه أماناتهم عهدة عزيزة غالية انزرعت في ربوع صدره الواسعة.
لله درّك يا نابلس الأصالة والعراقة وأنت تشهدين الجريمة النكراء بحجم ما يمثّل هذا العالم الجامع لكلّ تفاصيل العلم والعطاء وما تجود به مقدّمة الصفوف الحرّة في هذا الوطن العزيز، كيف لروحك الحرة العظيمة العزيزة الكريمة أن تستوعب جريمة بهذا الحجم؟ هذا الجبل الذي يصول ويجول بروحه العالية وهمته الشامخة بين جبليك العظيمين، فيعطي بسخاء أجمل ما يعطيه العلماء، يُعلّم الوحدة الوطنية علما وعملا فيسبق فعله قوله، ينثر الحكمة في كل مكان وينشد أعلى تجليات الرشد الإنساني، يرفع الهمم ويعلي من شان الإرادة الحرّة والعزائم النبيلة، هو صانع الثورة والثوّار، يبني الروح الثورية ذات الهمّة العالية والقادرة على إغاظة العدا، بهدوء تام يبني لبناته ويصنع جيل التحرير القادم باذن الله.
لله درّك يا نابلس الخير ما الذي عكّر ماءك بهذا الشكل الفظيع، كيف لإنسان يسمّى فلسطينيّ أن يفكّر مجرّد تفكير أن يتطاول برصاصه اللعين على هذه الشخصية الجامعة، ملاذ العاشقين للقدس وفلسطين، كيف غابت عنه بنادق المحتلّ المتربّصة بكلّ حرّ شريف، ألم ير ولم يسمع بان هناك احتلال قادم لقتلي وقتلك وقتل كلّ نفس حرّ فينا؟ كيف عمي عن الجلاد وراح للضحيّة المشتبكة مع هذا الاحتلال؟ كيف غضّ البصر عن الذين يصطادون أحرار شعبه؟ كيف أغلق أنفه وغابت عنه رائحة شهداء جبل النار الزكيّة والتي لم تغادر المكان ابدا؟ كيف صمّ أذنيه عن رسائل الاسرى التي تملأ كل البيوت والازقة وحواري البلد العتيقة؟
لله درك يا نابلس المجد والعزة والكبرياء وانت تسجّلين في صفحاتك الخالدة هذا الاعتداء الفظيع على العالم الجامع الذي يجسّد صوت الحكمة والعقل والوحدة وتجسيد الفسيفساء الفلسطينية الجميلة والروح الوطنية العالية التي تسمو فوق الجراح.
لله درّك يا نابلس الفقه وتصوّف الأحرار وهذا (الاعتداء الآثم على الحركية الاسلامية الوسطية التي تسعى لتجسيد الدين بروح علمية وعملية وعصرية وتعطي للإسلام الصورة الابهى والاجمل في عالم تعصف به رياح التطرف والغلوّ أو الجمود والتخلّف والتاويل المنحرف للدين) كيف يسجّل هذا في صفحاتك الخالدة؟
لله درّك يا نابلس وأنت يُسجّل في صفحاتك الخالدة هذا الإعتداء الكبير على القيم الوطنية والاسلامية التي يمثّلها الشاعر خير تمثيل والتي لم يبق للناس غيرها ليجتمعوا عليها ويجسدوا حالة الصمود في وجه المحتلّ والثبات على هذه الارض.
لله درّك يا نابلس وأنت تشهدين في هذه الأيام الصعبة الاعتداء على أولويات هذا الشعب المحتل في جعل الصراع والاشتباك مع المحتلّ أولى أولويّاته.في ذات الوقت الذي يسمع الناس فيه رصاص الاحتلال وهو يقتل الاحرار.
لله درّك يا نابلس وأنت تعتبرين هذا الاعتداء هو اعتداء على الكلّ الفلسطيني الوطني والحرّ والذي ما زال متمسكا بقضيته ومعتبرا للقدس البوصلة التي لن يحيد عنها أبدا.
لهذا ولغير هذا مما يضيق المجال لحصره فإن من يقف خلف هذه الجريمة النكراء بهذا الحجم الكبير لا يريد لهذا الشعب خيرا ولا يخدم الا الاحتلال. وإن كشفه هو ومن يقف خلفه وإنفاذ القانون بحقّهم هو الردّ الصحيح وهذا ممكن وسهل وغير ذلك ما هو الا عون وتشجيع للمجرم وللجريمة القادمة، وذرّ للرماد في العيون.
ستبقى القيم العليا الاصيلة التي يمثّلها الدكتور العالم الشيخ ناصر الدين الشاعر وسيتخزبل أولئك المتربصون الأنذال وستبقى الروح الجميلة العالية التي يمثّلها الشاعر هي الراية التي تخفق عاليا في سماء فلسطين.
وليعلم هؤلاء تماما أنهم لن يفلحوا أبدا وليستوعبوا جيّدا إن كان لهم قلوب يفقهون بها ما ورد في الحديث القدسي الشريف:" من عادى لي وليّا فقد آذنته بالحرب".