دكتور مروان عورتاني، اسمح لي، لا تكفي شهادة كل الاحترام والتقدير
خلال تصفحي مواقع التواصل الاجتماعي، وجدتُ منشوراً فيسبوكياً كان قد نشره أحد المسؤولين في التربية والتعليم يتحدث فيه بإجلال وتقدير واحترام عن وزير التربية والتعليم السابق الدكتور مروان عورتاني، وانهالت التعليقات الإيجابية بحق الدكتور على شكل عبارات كل الاحترام والتقدير.
لخص المسؤول في منشوره انجازات وجهود الدكتور مروان العورتاني في تطوير العملية التعليمية في بلادنا، لكنه اختار الصمت والتواري عن امور سوداء عديدة حصلت في فترة عمل الدكتور.
قام الدكتور مروان عورتاني بتقديم استقالته في الثالث من الشهر الجاري بعد دخوله في صدامات مع رئيس الوزراء محمد شتية إثر فشل الأخير بالوفاء بوعوده الذي أطلقها وكانت على شكل اتفاق رسمي بين المعلمين والحكومة يضمن حصول المعلمين على بعض حقوقهم الضائعة بعد ما يقارب السبعين يوماً من الاضراب والتي منها انتظام الراتب والحصول على علاوة عليه.
هذه الأسباب تبقى مجرد تسريبات من صحفيين هنا وهناك دون أن يكون للشعب علم حقيقي لما حصل فعلاً داخل أروقة الوزارة المغلقة، واستقالة الدكتور سوف تبقى داخل صندوق اسود يقتصر العلم عمّا فيه على مجموعة شخصيات اخذت على نفسها عاتق إدارة أمور وقضايا الشعب دون وجود حاجة إلى إطلاعه على المشاكل والأزمات التي تعيشها البلاد، فالأمر أشبه بتربية قطيع من المواشي.
هل يكفي عبارة "كل الاحترام والتقدير"؟ "**
تتلخص مسيرة كل مسؤول فلسطيني بعد انتهائه من عمله بعبارة "كل الاحترام والتقدير" بغض النظر عن الأمور الذي نجح أو فشل فيها، فبات التمسح بحمد المسؤول واجب وطني ينبغي للجميع من أفراد الشعب القيام به لإثبات ولائه وانتمائه الوطني.
لا يستحق اي مسؤول او وزير الثناء عليه وعلى منجزاته، تقديم الخدمات والمنجزات للشعب واجب وطني، شرعية منصب الوزير او المسؤول مستمدة من قدرته على تقديم خدمات للشعب، وإلا ما الحاجة إلى الوزير أساساً إن فشل في خدمة البلاد والارتقاء بها؟؟؟
وبالجهة المقابلة يجب أن يحاسب المسؤول عن كل تقصير وفشل، على الأقل في حال عدم حصول هذا، يجب على العلن تقديم تقرير مفصل وشامل يكشف عن تفاصيل تجربته في منصبه او فتح الباب للصحفيين للحصول على اي معلومات متعلقة بفترة عمل المسؤول او الوزير.
الشعب يستحق جلسة مصارحة حقيقية مع المسؤولين، حتى يعلم كيف ولماذا أصبحنا هنا، ولا نستيقظ على حقائق خطيرة لم يكن لها بالحسبان لتسبب صدمة كبيرة تجعل الشعب يواجه الفشل بالفشل بسبب عدم قدرته على التكيف والتغيير معا. ً
في الدول الغربية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، يقوم كل رئيس امريكي بكتابة مذكراته ونشرها بعد انتهاء منصبه، وتكون تفاصيل عمله وتجربته مكشوفة للجميع للشعب والصحفيين والكتاب على حد سواء.
. في النهاية، هل يكفي أن نلخص تجربة منصب الدكتور مروان عورتاني بعبارة "كل الاحترام والتقدير"، ماذا عن استقالته والأسباب الخفية التي بقيت طي الكتمان، وماذا عن القضايا الذي فشل فيها من اضراب المعلمين واغلاق العام الدراسي والعقوبات التعسفية بحق المعلمين وغيرها.
مَن سيُحاسب ومَن سيدفع فاتورة الفشل، الحكومة أم الشعب؟؟؟
لا يوجد في قاموس البلدان المحترمة عبارة "كل الاحترام والتقدير"، يوجد المسؤول في منصبه لخدمة شعبه ويفقد المنصب مباشرةً إن فشل في تحقيق الأمر، وهذا يتماهى تماماً مع عبارة الصديق رضي الله عنه عندما تولى الخلافة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم
(يا أيُّها الناس، قد وُلِّيت عليكم ولست بخيركم، فإن رأيتموني على حقٍّ فأعينوني، وإن رأيتموني على باطل فسدِّدوني. أطيعوني ما أطعتُ الله فيكم، فإذا عصيتُه فلا طاعة لي عليكم)