30 عاماً على أوسلو: هل هناك إمكانية واقعية لحل السلطة الفلسطينية؟

على الرغم من سلسلة الأضرار التي تسببت بها  الاتفاقيات، حتى الحكومة الاكثر يمينية  في تاريخ إسرائيل ليست في عجلة من أمرها لإلغائها • لماذا؟ لأنه، كما يقول المثل المشهور، أحياناً حجر يرميه أحمق في البئر ، لا يستطيع حتى ألف حكيم أن يخرجه .  وعلى الرغم من كل ذلك ، اذا لم يكن ممكنا مع السلطة فهل يمكن من دونها ؟

---------------------------------------------------------------------

اريئيل كهانا - اسرائيل اليوم من سلسلة اوسلو بعد 30 عاما الذي اعدته ونشرته الصحيفة بمناسبة مرور 30 عاما على توقيع اتفاق اعلان المبادئ

------------------------------------------------------------------------

في احد اجتماعات الحكومة الاسرائيلية  المصغرة الحالية قال  وزير المالية بتسلئيل سموتريش "أطلب منكم أن تسجلوا في البروتوكول اعتراضي على تحويل الاموال  للسلطة الفلسطينية".حيث كان يناقش   الوزراء تحويل الأموال إلى السلطة الفلسطينية ومديونتها الكبيرة لنا ، وباعتباره من يمسك بصنبور موازنة الدولة ويرى في الكيان الفلسطيني هيئة تدعم الإرهاب، أراد وزير المالية اغلاق الشبر عليها .

لكن نتنياهو لم تعجبه هذه الاقوال . ورد عليه متسائلا  "إذن ما هو البديل؟"

طور الرجلان علاقة جدية ومحترمة مع مرور الوقت . كان  نتنياهو  يعلم أن ملاحظات سموتريش لم يكن المقصود منها مناكفته سياسيا ، انما تعبيرا عن قناعاته ورؤيته . نتنياهو،  هو الاخر بعيد كل البعد عن الوقوع في حب الثمرة العفنة  الرئيسية  التي اسفرت عنها  اتفاقيات أوسلو: السلطة الفلسطينية. ولكن وفقاً لاسلوبه ، لا يوجد بديل  عملي آخر.

وردا على سؤال رئيس الوزراء، أجاب سموتريش بأنه ليس لديه بديل فوري للسلطة الفلسطينية، فأجاب نتنياهو: "في هذه الحالة، أود منك حذف هذه الأقوال من البروتوكول". وافق سموتريتش على ذلك.  يعكس هذا النقاش ، في  حكومة يمينية مطلقة ، وضعنا في الاعوام الثلاثين الماضية  منذ توقيع اتفاق اوسلو بشكل جيد . اسرائيل لا تستطيع معهم لكنها لا تستطيع من دونهم . انها لا تستطيع ابتلاعهم ولا يمكنها ان تتقيأهم ايضا .

لا تستطيع إسرائيل الاستغناء عن السلطة الفلسطينية، لأنها أولا وقبل كل شيء تدير الحياة المدنية لملايين العرب الذين يعيشون في يهودا والسامرة (عددهم الدقيق غير معروف، وهذه الارقام تلعب  دورا  مهما في الصراع الوجودي بيننا).  وبما ان  رجال الشرطة والموظفين  الفلسطينيين هم  المسؤولين عن القمامة والصرف الصحي، وعن التأمين والتعليم لشعبهم، تريح  إسرائيل  نفسها  من هذا العبء اليومي الثقيل والمكلف.  كما يمكنها هذا الواقع من الزعم امام العالم  بأنه لا يوجد نظام  فصل عنصري في إسرائيل، ولا يوجد احتلال، لأن الفلسطينيين يديرون معظم  مكونات حياتهم بمفردهم.

من الناحية الأمنية، تلعب السلطة الفلسطينية دوراً  ليس بسيطا ، وإن لم يكن كبيراً جداً، في احباط  الإرهاب ضد اليهود. ولو لم تكن هذه السلطة موجودة، أو انها لن تكون موجودة ، لكان من المحتمل أن يكون   جنود  الجيش الإسرائيلي، سواء من القوات النظامية او الاحتياط  مطالبين بالقيام بالعمل   في مناطق يهودا والسامرة وعلى نطاق واسع أكثر بكثير مما يقومون به  اليوم.

لهذه الأسباب المهمة  جدا  ـ السياسية والأمنية والاقتصادية ـ لم تقم  أي حكومة إسرائيلية، حتى في أصعب الاوضاع ، بالتلاراجع عن   اتفاقات أوسلو أو إلغاء الاعتراف بالسلطة الفلسطينية. اكثر من ذلك ، فإن إسرائيل تكرس أقصى جهودها لاستمرار بقاء  السلطة. لاجل هذا الهدف ، تعرض اسرائيل مصالحها  الأمنية للخطر، وتتلقى ضربات سياسية ، وتدفع الكثير جدا من أموال دافعي الضرائب الإسرائيليين.

 

يتبع