الحفاظ على المصالح الاستراتيجية الإسرائيلية على الساحة الفلسطينية

 

_____________________

 

خلافا للتصريحات إلاسرائيلية  الرسمية، من المتوقع أن يكون البعد الفلسطيني في إطار اتفاق التطبيع الإسرائيلي السعودي كبيرا، ويتضمن إجراءات يصعب على الحكومة الإسرائيلية استيعابها، خاصة في تركيبتها الحالية. ومن المهم ان تكون اسرائيل مستعدة ايضا لذلك بان الفلسطينيين لن يعارضوا الصفقة هذه المرة ، على عكس ما فعلوه في اتفاقيات إبراهام، ومن التجربة التي تعلموها من  المرة السابقة  سيسعون إلى تحقيق اقصى قدر من المكاسب في اطارها . وفي  ظل هذا الوضع، يجب على اسرائيل ان تصر على ان شروط الصفقة يجب ان تعزز استقرارها الامني وقدرتها في الدفاع عن نفسها .

 

وفي المقابل  هذه مصلحة اسرائيلية  عندما ترغم  الصفقة إسرائيل على وقف الزحف نحو واقع "الدولة الواحدة"، والذي تسارع في السنوات الأخيرة، , في ظل الحكومة الحالية. تتمتع الصفقة   الإسرائيلية السعودية بامكانية دفع  ظروف الانفصال عن الفلسطينيين في المستقبل، مع الحفاظ بشكل صارم وبلا هوادة على قدرة إسرائيل على حماية أمنها وسكانها.

وفي هذا الإطار، يجب التأكد من أن الفلسطينيين لن يكون لهم "حق النقض" على التطبيع بيننا وبين السعودية، وأنهم سيكونون مطالبين بتنفيذ  إصلاحات  واسعة في الاجهزة  الأمنية وفي السلطة الفلسطينية إلى جانب وقف  دفع المرتبات ( للارهابيين ) والحملة الدبلوماسية والقانونية ضد إسرائيل وجنودها على الساحة الدولية وفي لاهاي.

 

"الثمن الإسرائيلي" لهذا سيكون بالأساس التراجع عن قرارات الحكومة الأخيرة في الساحة الفلسطينية (إعادة سن قانون فك الارتباط من شمال السامرة وإعادة صلاحيات الإدارة المدنية إلى وزير الدفاع تحت  القانون العسكري)، والتسهيل على  نسيج الحياة الفلسطينية من خلال التدابير الاقتصادية: تحسين كبير في رفاهية الجمهور الفلسطيني، ومشاركة الفلسطينيين في مشاريع التنمية الإقليمية، ودفع  مشاريع تطوير البنية التحتية في ظل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. إن المضي قدماً في هذه القضية يمكن أن يفتح الباب أمام إسرائيل للتقدم في موضوع  التطبيع مع دول إسلامية وعربية أخرى أيضاً، بما في ذلك لقاءات بين القادة في الأطر الإقليمية، وربما نشهد في المستقبل البعيد حتى دعوة إسرائيل إلى حضور مؤتمر  القمة للجامعة العربية.

 

إن تحقيق هذه الشروط الثلاثة ( الشرطين السابقين تطرق لهما في بداية المقال وهما الحفاظ على التفوق النوعي الاسرائيلي عسكريا وتوفير ضمانات بشأن المشروع النووي السعودي وعدم تحوله لغايات عسكرية ) سيبرر الدعم الإسرائيلي لصفقة أمريكية سعودية، تتضمن التطبيع بين القدس والرياض. إن التمسك بهذه الشروط   سيسمح لإسرائيل باستنفاد الفرصة في الصفقة وتقليل المخاطر الكامنة فيها بشكل كبير.

 

ولتحقيق هذه الغاية، من الأهمية بمكان أن تستمع الحكومة الإسرائيلية بأكملها، وليس رئيس الوزراء فقط، من المؤسسة الأمنية إلى صورة كاملة عن التداعيات الاستراتيجية للصفقة على الأمن القومي الإسرائيلي، وأن تتصرف بحزم لتأمين مصلحة إسرائيل في الصفقة ،  وتستعد  لمواجهة التحديات عند تنفيذها  - وكل ذلك لا  يمكن حدوثه في  ظل التعامل مع العواقب المدمرة للثورة القضائية  على الجيش الإسرائيلي والمؤسسة الامنية  ​​ومع  تداعياتها على الأمن القومي لإسرائيل.

 

وفي ظل الوضع الحكومي غير المسبوق الذي يسود إسرائيل اليوم، يجب التأكد من أن اعتبارات المنفعة السياسية لا تأتي على حساب اعتبارات الأمن القومي الإسرائيلي والمصالح الوطنية بعد عقود من الزمن في المستقبل.

 

عاموس يادلين القناة 12

 

الكاتب كان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية سابقا