اجتماع الأمناء العامين للفصائل .. استمرار لما هو قائم

تقدير موقف

تلقى الأمناء العامون للفصائل دعوة للمشاركة في الاجتماع المنوي اقامته في القاهرة نهاية شهر يوليو الحالي لبحث الأوضاع الفلسطينية في ظل الهجمة  الإسرائيلية المتصاعدة ضد مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية، وتقديم كل التسهيلات للمستوطنين لمضاعفة عدوانهم تجاه كل ما هو فلسطيني

وكان أبو مازن قد دعا، اثناء العدوان الإسرائيلي على جنين ومخيمها، إلى اجتماع للأمناء العامين للفصائل لبحث مخاطر وابعاد هذا العدوان . 

ومن جانبها، دعت حركتا حماس والجهاد الإسلامي، في بيان مشترك، "الكل الوطني الفلسطيني  إلى التحرك فوراً وسريعاً لصياغة خطة وطنية شاملة في مواجهة المشروع  الاستيطاني الصهيوني المتسارع". 

كما رحبت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية بالاجتماع المرتقب للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في القاهرة. وقالت اللجنة، في بيان وزع على وسائل الإعلام، اليوم الأحد، إنّ هذا الاجتماع "فرصة مهمة أمام الشعب الفلسطيني لاستعادة الوحدة على أساس الشراكة الكاملة والاتفاق على استراتيجية وطنية شاملة وموحدة تواجه الاحتلال وحكومة المستوطنين الفاشية وسياساتها العدوانية وعدوانها المتواصل على الشعب الفلسطيني، ولتعزيز صمود شعبنا ومقاومته خلال مرحلة التحرر الوطني". 

 

توطئة

يذهب الفلسطينيون الى القاهرة وهم بحاجة الى الاتفاق اكثر من أي وقت مضى، فحكومة الاحتلال كشرت عن انيابها في سبيل توفير كل المطلوب للقضاء على أي امل للفلسطينيين بإقامة دوله، او حتى كيان، مستقل وقابل للحياة والاستقلال عن الاحتلال والارتباط به . ولكنهم يذهبون الى القاهرة كما ذهبوا اليها في السابق مرارا، او الى غيرها من العواصم، وهم ما زالوا يحملون رؤيتين مختلفتين تماما حول كيفية مواجهة الاحتلال وإدارة الصراع معه.

يحتاج الاجتماع كي يكلل بالنجاح الى نوايا صادقة في التوجه نحو بناء وحدة على الأرض والاتفاق على صيغة عادلة تقود الى توحيد المؤسسات في الضفة وغزة، لاشك ان هذا يبدو حلما صعب المنال، في ظل وجود برنامجين مختلفين وفروقات بالرؤى، والأساليب، والمرجعيات والتحالفات. والاهم وجود طرف يصر ان ينصاع الجميع له بعيدا عن أي قواعد الديمقراطية او منح الشعب حرية التقرير والاختيار للبرنامج الذي يراه مناسبا .

 

 سأحاول في هذا المقال تقديم أبرز السيناريوهات المتوقعة لنتائج هذا الاجتماع.

 

السيناريو الأول:  تأجيل اللقاء

ما زال هناك فرق كبير في الرؤية بين الفصائل، لذا فان سيناريو التأجيل وارد لكنه غير مرجح، لأنه لا احد يرغب في تحمل المسؤولية امام الشعب الفلسطيني بانه يعطل مسار الوحدة، في وقت احوج ما يكون الفلسطينيون لها، كما ان أي من  الفصائل لا يرغب في اغضاب مصر الراعية لهذا الحوار.

على الرغم من ان عقد الاجتماع في ظل ازدياد حالات الاعتقال السياسي في الضفة الغربية يشكل عامل ضغط على الفصائل، الى جانب تعالي أصوات داعية الى مقاطعة الاجتماع اذا لم تتوقف مهزلة الاعتقال السياسي. وهو ربما الامر الذي قاد الى تسريب وعودًا بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين أو بعضهم، وإذا لم يتم إطلاق المعتقلين السياسيين أو بعضهم، فان إمكانية اثارة هذه المسألة بقوة أثناء الاجتماع، وما يمكن أن يترتب على ذلك من عواقب هو امر وارد.

 

السيناريو الثاني: الاتفاق على وجود برنامجين لطرفين في ان واحد

هذا السيناريو مستبعد؛ لأن الرئيس متمسك بالشروط التي حالت دون نجاح جهود الوحدة في السابق، إضافة إلى العوامل الخارجية المعرقلة للوحدة التي لا يمكن التقليل من تأثيرها. وهولا يريد الوحدة إلا إذا تمكن من ضم الكل تحت قيادته، وبما يتوافق وبرنامجه السياسي الأوسلوي، بالرغم من ان كل ملامح فشل وانتهاء هذا المشروع بارزة للعيان.

السيناريو الثالث : إدارة الانقسام

الخروج من الاجتماع باستقرار الأمور على ما هي عليه، أي استمرار إدارة الانقسام ويمكن ان يتطور الامر من خلال تشكيل حكومة وفاق وطني بشقين في غزة والضفة تكرس الأمر الواقع، وتمنحه شرعية فصائلية مشتركة، وهي لا تنهي الانقسام ولا تجري انتخابات على الأقل في القريب العاجل، إلا أنها تخفف من حالة التوتر، وتساعد على إدارة بعض الملفات، مثل التعامل مع مخططات وسياسات الحكومة الإسرائيلية،  كما تسعى الحكومة إلى الاتفاق على ملف إعادة إعمار مخيم جنين وتخفيف من الحصار المفروض على قطاع غزة وغيرهما، كما تغطي على واقع تحول الانقسام إلى انفصال.

السيناريو الرابع : تكرار الاتفاقات السابقة

هذا السيناريو محتمل، وله فرصة كبيرة بالتحقق من خلال صدور بيان من المجتمعين كما في إعلان الجزائر، وما سبقه من اتفاقات لم تنفذ وسرعان ما انهارت .ويمكن أن يتحدث عن حكومة وحدة وطنية أو حكومة وفاق وطني، بينما على الارض يبقى الوضع على حاله.

ختاما

يبدو ان السيناريو الأول والثاني هما الابعد عن الواقع، بينما تبدو حظوظ السيناريو هين الثالث والرابع افضل بكثير، خاصة اذا صحت المعلومات بأن الرئيس سيشارك في الاجتماع، وهذا إن حدث فان الامر ستكون اقرب الى عدم الفشل على الأقل وربما الخروج بشكل من اشكال النجاح.

يمكن أن يختار المجتمعون التركيز على الاتفاق على برنامج مشترك في مواجهة حكومة اليمين المتطرف، وهذا جيد لا شك، ولكنه يتطلب خطوة إضافية في غاية الاهمية، الا وهي التخلص من التزامات أوسلو، ولو تدريجيا،  وخاصة الأمنية، ويمكن  تأجيل الخطوات مثل تشكيل حكومة أو التوجه إلى انتخابات؛ حيث نكون أمام فترة انتقالية تستهدف استكشاف التطورات القادمة والتصرف بناء عليها، وهذا يتطلب الاتفاق على صيغة انتقالية قيادية مؤقتة  تحظى بصلاحيات واسعة يتم الاتفاق عليها، وبالرغم من ان هذا لم ينجح سابقًا، ومع عدم وجود ما يكفي من مؤشرات تسمح بالتفاؤل بالنجاح هذه المرة، الا انه يمكن في هذا السياق تشكيل لجنة وطنية مؤهلة وممثلة لكل الوان الطيف الفلسطيني تكلف بوضع خريطة إنقاذ وطنية.