الهوية الاسرائيلية التي اخترعناها
( التصفيق بينما الطائرة تهبط ؟)
يوسي كلاين : هارتس
الان؟ انتم تسألون ، فيما كل شيء يحترق ؟ نعم الآن. أصوات ضجيج غريبة قادمة من المحرك . التوجه العام هو التجاهل والاستيقاظ صباح اليوم التالي مع تمنياتنا بان لا يكونوا هناك . لكنهم موجودون هناك أيضًا في صباح اليوم التالي . من الواضح أن هناك خللا ما. وأن كل شيء سوف ينهار وفي اكثر الاوقات سوءا ، في طريق الصعود الى الهاوية. ينظر الميكانيكي الى الخلل بشفقة . ويقول انه على حافة الضياع التام . لكن ما البديل المتوفر لك ؟ ليس لديك بلاد آخرى حتى لو كانت النيران تشتعل في الهيكل .
لم نتوقف في يوم من الايام عن البحث عما يمكن أن يربط جميع أجزاء المحرك ويقوي الهيكل. كنا نظن أن " الهوية إلاسرائيلية " ستؤدي المهمة. بعد 75 عامًا من التجربة والخطأ علينا أن نعترف: كنا مخطئين. " الهوية إلاسرائيلية " موجودة فقط في العقول المثالية لمحرري ملحقات نهاية الاسبوع في الصحف اليومية . لا توجد " هوية إسرائيلية" لأننا ما زلنا مهاجرين نحمل طابع الأماكن التي جاء منها آباؤنا وأجدادنا.
كنا نظن أن "الإسرائيلي الجديد" سوف ياتي بالهوية الاسرائيلية المفقودة. لقد أخطأنا . كان حلم بقية الناجين من المحرقة بان هذه الهوية ستكون في صورة الاشقر ذا العيون الزرقاء الذي ارتكب المذبحة بحقها . لكن بدلا منه حصلت على اسرائيلي جديد مختلف . الإسرائيلي الجديد يقتلع أشجار الزيتون لمن هم أضعف منه ويلوح بـ "الديموغرافيا" التي ستنتصر. لكن الديموغرافية المنتصرة لن تأتي وحدها. ستاتي مع الفقر والجهل والتخلف ، وعندما تنتصر لن تكون الهوية الاسرائيلية هنا لإنقاذ المنتصرين.
جاء البحث عن الهوية ألاسرائيلية من ايمان ساذج بأنها ستكون الأساس لدولة ستقام بترتيب منطقي ، بحيث يتم وضع الأسس أولاً ثم الجدران. وان هناك اساسا يخرج منه كل شيء. أردنا أن نصدق أن المبنى الرائع تم بناؤه على أسس متينة ، وان نهلال هي الاساس ، وانها بمثابة Mayflower الاسرائيلية ( سفينة الاباء المهاجرين والمؤسسين ) لنا . لقد كنا على خطأ . نهلال ليست "ماي فلاور" ، و كتاب "الحمل السادس عشر" ليس "لنا جميعا ". الجندي المقاتل من نهلال ليس اسرائيليا اكثر من ذلك الذي يقبل التعويذة من نتيفوت . مائير فازلتير لا يقل اسرائيلية عن مائير شاليف ، على الرغم من أن نهلال التي يعرفها بعيدة كل البعد عن نهلال التي يعرفها شاليف .
نحن بحاجة إلى إيجاد قاعدة آخرى للبلاد. لا يمكن أن تكون " الهوية إلاسرائيلية" (التصفيق عندما تهبط الطائرة؟) أساسا لدولة مستنيرة ، ولا حتى ليهودية درعي وغافني . لا يزال بإمكان دولة تبلغ من العمر 75 عامًا بناء ما لم تكن قادرة عليه بسبب الضغط ، الذعر والشعور بأنه الآن أو لا. لقد تم اتخاذ قرارات سيئة في حينه ، والقرارات المهمة جرى تاجيلها طوال الوقت . لقد تم اخفاء الجيفة تحت البساط. الآن يتعين علينا ازالتها ، ومواجهة تلك الجيفة التي تضخمت هناك . لقد بدأنا من العدم ومن العدم بنينا برجًا رائعًا. الآن بدأ يتأرجح ، ونحن نسارع إلى وضع الأسس له ، وتقوية الجدران ، وطرح أسئلة نسينا أن نسألها: ما هي "الديمقراطية"؟ ما هو "فصل السلطات"؟ وهل يمكن أن يكون هناك "احتلال" آخر في القرن الحادي والعشرين؟
بعد 75 عامًا ، يُسمح لنا بالتوقف للحظة والسؤال في أي دولة نريد أن نعيش؟ "يهودية" وفق ما يريد ليفين وغافني ، أو"ديموقراطية" وفق ما اراد هرتسل وبن غوريون؟ وماذا سنفعل بثلاثة ملايين لا يريدوننا ونسيطر عليهم ؟ باختصار ، بالنسبة لشخص يبلغ من العمر 75 عامًا ، من المستحيل أن تقنعه بالذريعة الطفولية "ليس هناك من نتحدث معه في الطرف الاخر " او " ليس هناك حلا" .
هل نقتلهم ؟ ام نطردهم ؟ ام ننفصل عنهم ؟
كل هذه الإجابات صحيحة ، لكننا ما زلنا نفتقر إلى الشجاعة لاختيار واحدة منها. حسنًا ، ليس الآن ، ليس صباح الغد ، ولكن عندما تضع اعلانا ، او هدفا يستحق القتال من أجله ، بربكم ، يتعين علينا ان نفعل فنحن دولة تبلغ من العمر 75 عامًا بالفعل! لكننا نغطي رؤوسنا بغطاء سميك ونلف وجوهنا إلى الجانب الثاني .
التجاهل لن يكون مفيدا . اليوم يمكننا أن نعترف بالفعل: نحن شعبان ، توأمان سياميان. رأسان (على الأقل) على جسد واحد. يمكنك ان تصنع له ملابس تناسبه ، ويمكنك زرع أعضاء جديدة فيه ، ولكنك لا تستطيع استبداله. لا تلك الأقلية الكبيرة والقوية ولا تلك الأغلبية الصغيرة والضعيفة التي تعتمد على الاولى . لا يمكنك اضعاف او تقوية اي شئ مشترك بينهما سوى اللغة التي يعبرون بها عن كراهيتهم المتبادلة. تريد ان تجرب ؟ تفضل . اطلب من ممثليكم في الجمهور ، من المنتخبين من الشعب ، أن يكتبوا دستورًا يكون مقبولًا على الجميع. اطلبوا ، وسترون ما الذي سيحدث هناك. ضربات في الوجه وركلات بالارجل ستأتيك من كل جانب . ولن يستطيعون كتابة الدستور ايضا . الدستور لن يكون والهوية الاسرائيلية وحدها ليست اساسا وحدها يمكنا من كتابته .
---------------------------------------------------------------------
يوسي كلاين اديب وصحفي ومنتج اسرائيلي - يعارض البناء الاستيطاني ويزعم ان الصهيونية الدينية اكثر خطورة من حزب الله ومن الفلسطينيين الذين يقومون بعمليات دهس وطعن - ينشر مقالاته في هارتس .
ترجمه معاويه موسى
جنين