تقديم ..

على طول الصراع مع الاحتلال الاسرائيلي كان للسجون والمعتقلات دورٌ هامٌ ومركزيّ في دعم وإسناد الساحة الفلسطينية بالقيادات والنُّخب من مختلف التنظيمات الفلسطينية التي كان لها دورٌ هامٌ ومباشر في قيادة العمل الوطني بمراحله المختلفة، سيما في الانتفاضتين، وتوجيه دفتهما، والتصدي للاحتلال.

لقد صمم وأعد الاحتلال هذه السجون لتكون مقابر للأحياء، تُقتل فيها روح الإنسان الفلسطيني، ويُدمّر جسدُه، ويشوّه فكرُه. وقد أعلن قادة الاحتلال ذلك غير مرة. ومن أشهر تلك العبارات قول أحد قادة مصلحة السجون الاسرائيلية: "يجب على الأسير الفلسطيني أن يخرج من سجنه كقطعة الجبن السويسرية الفاسدة".

لكن السحر انقلب على الساحر، وخاب الاحتلال في مسعاه، وفشل في مخططه. فقد استطاع الأسرى الفلسطينيين أن يحولوا السجون إلى معاقل وجامعات ومحاضن، تنمو فيها روح المقاومة لدى الأسير، وتطور فكره، وتصقل شخصيته، وتزيد من ثقافته. ليكون مقاتلاً على بصيرة، ويحمل غيره على درب المقاومة.

ولدينا نماذج عديدة، وأمثلة عملية سنتحدث عن بعضها باقتضاب في دراستنا، سنعرض خلايا جهادية، وأسرى محررين خرجوا من السجون ليقودوا النضال الوطني الفلسطيني ضد المحتل الصهيوني، فكان نصيب بعضهم الاغتيال والشهادة في سبيل الله. وآخرون كان نصيبهم العودة مرة أخرى للسجون بأحكام عالية ومؤبدة. وغيرهم حكموا بأحكام قصيرة ليخرجوا مرة أخرى ويعودوا من جديد إلى مقاومة الاحتلال، وقيادة الجماهير. إضافة إلى آخرين أُبعِدوا بعد اعتقالهم، ليواصلوا المشوار من خارج فلسطين.

بناءً على ما سبق، لاحظنا توجّه الاحتلال اليهودي لانتهاج سياسة الاغتيال مفضلاً إياها على (سياسة الاعتقال) -رغم أثرها السلبي عليه - خاصة ضد المقاومين الذين ينتهجون العمل العسكري.  لأنه _كما يبدو _ وصل إلى قناعة مفادها أن السجون والمعتقلات بما تحويه من قسوة غير قادرة على "تهذيب" سلوك الفلسطيني المقاوم. وأن الحل الأمثل والنهائي هو قتله والاستراحة منه، عملاً بالقول الدارج عندهم "العربي الجيد هو العربي الميت".

هذه الدراسة نبحث فيها (أثر السجون في إذكاء نار المقاومة) ونقسمها إلى فصول...

الفصل الأول: - نعرض فيه لمحة عن نشأة السجون، وتشكل الحركة الوطنية الأسيرة، ومراحل تطورها، حتى صارت على ما هي عليه.

في الفصل الثاني: - نعرض باقتضاب أشكال المقاومة داخل الأسر، عسى أن نقدمه مفصلاً في دراسة خاصة.

الفصل الثالث: - هو جسم الدراسة، قسمناه إلى أبواب..

الباب الأول.. يتحدث عن العوامل التي جعلت الأسير رجل مقاومة ناجح، وبالتالي أفشلت الاحتلال في تحقيق هدفه الرئيس من الاعتقال وهو تدمير الأسير.

والباب الثاني.. نفصل فيه دور الأسير في إسناد المقاومة ودعمها وتفعيلها.

في الباب الثالث نتحدث عن نماذج لخلايا تشكلت داخل السجون وانطلق عملها منها، لتكون نماذج حيّة ودليلاً عملياً على صدقية ما ذهبنا إليه الدراسة.

وفي الباب الرابع نسرد عمليات الأسر التي شكلت العنوان الأبرز للمقاومة لأجل الأسرى.

فإن أصبنا فبتوفيقٍ من الله، وإن أخطأنا فمن أنفسنا والشيطان.

.

.

.

للاطلاع على باقي الدراسه يُرجى تحميلها من المرفقات ..