فلسطين .. الحق المسلوب!
الاهداء
الى المرابطين حوار المسجد الاقصى
الى اسرانا البواسل المقيمين في سجون الاحتلال
الى شهدائنا الابرار
الى الثكالي و الأرامل و اليتامي :
اذا كان للحجر ان يصرخ
فلنا في كل بيت و كل حي
وكل مكان حجر
يتفتح كما يتفتح الزهر و يرسم ملامح العمر
عمر كله الم ووجع و صبر
صبر على صراخ الحجر صراح يخترف الصمت
و يعزف سمفونية اسمها " صرخة حجر "
المقدمة
قضية فلسطين لدى الطلائع الاسلامية قضية جزء من دار الاسلام اغتصبه أعداء الاسلام ، ولا يجوز أن يكون هدف المسلم فيها ادني من تحرير فلسطين كاملة و استعادتها لحضيرة الاسلام .
والداعية المسلم اليوم في معركة مصيرية يجد نفسه في اطار هذه القضية منها وحدة الى جانب الحق ضد اعدائه ، سواء الذين اعتصبوا الارض و استعمروها بغير الحق و يهودونها يوما بعد يوم أو من يدعمونهمم دعما مباشرا من مختلف الجهات الصليبية و الشيوعية و اليهودية العالمية ... كما يجد نفسه في مواجهة اولئك الذين يهبطون بالقضية من مستواها الحقيقي كقضية صراع بين الحق و الباطل بين الاسلام و أعداء الاسلام و قضية تحرير كامل من النهر الى البحر بالاسلام و من أجل الاسلام الى مستوى آخر قد تختلف فيه الشعارات و الأهداف المعنية و الوسائل المتبعة احيانا و لكن لا تختلف فيه النتائج اطلاقا فهذا يسميها مشكلة " الشرق الاوسط " و ذاك مشكلة النزاع العربي الاسرائلي و ثالث مشكلة دولية هذا يحولها الى مشكلة لاجئين يبحثون عن موطن و ذلك الى مشكلة حدود و مستعمرات ، و ثالث الى مشكلة أمن .. وقد تمل الشعارات المعلنة فوق هذه المسميات و سواها الى أقصى مدى لها فتطالب بالتحرير الكامل و لكن من أجل أن تسود في فلسطين سيادة غريبة جديدة تأباها فلسطين ، يأباها اسلامها و تاريخها و تلعب الشيوعية الدولة و المحلية خاصة بهذه الشعارات حورا متفاوتا تفاوت المواقف السياسية الآنية و نفاوت ما يبتكر للشيوعية من نعوت و اسماء ، يتواري البعض وراءها عن مكر مقصود ، و ينخدع البعض الآخر بها عن جهل اؤوهم .. و الشيوعية العالمية و المحلية وراء اسرائيل ، كانت وراء ايجادها ، و ما تزال وراء ابقائها .
قضية فلسطين لدى الطلائع الاسلامية جزء من قضية الاسلام و المسلمين الكبرى في هذا العصر ، لا يجوز فصله عنها بحال من الاحوال ومن هنا فاننا نرفض من يقول بالعمل تحت راية هذه الفئة او تلك ، تحت راية هذا الاتجاه او ذاك في خدمة هذا النظام الخادم للراء سمالية أو ذاك الخادم للشيوعية ... نرفض من يقول بذلك بدعوى البقاء " ظاهري " في اهداف مرحلية معلنة ... كما نرفض كل الرفض المواقف الهزيلة و ان كانت بشعار اسلامي يتعذر بالامكانات فالامكانات اعظم مما يتصورون او يتحجج بالواقع فالواقع مرفوض اصلا و غير شرعي قطعا .
لا بد أن تكون قضية فلسطين في الطلائع الاسلامية ووجدانها ، في قلب كل فرد و فكرة في وجود الامة بأسرها قضية اسلامية خالصة هدفنا فيها التحرير الكامل و استعادة الارض السلبية بالاسلام ، بمنهجه ووسائله ، و من أجل الاسلام ، من أجل أن يسود فلسطين و سواها من ارضي المسلمين في كل مكان دينا شاملا لسائر جوانب الحياة الدنيا و الاخرة ورسالة الهية خالدة للناس كافة .
و من أشد ما يعانيه الداعية المسلم و هو يعمل لهذه القضية كجزء من قضيته الاسلامية الكبرى .. الاقتصار الى ادراك ابعادها التاريخية ، و العيش بفهمه و ضميره في واقعها الحالي ، متأثرا و مؤثرا .
و الابعاد التاريخية للقضية بصدر من مصادر الارادة الوجدانية العميقة لتغير الواقع الراهن من الجذور و ايجاد الواقع الاسلامي عنوانا و محتوى .
إن الطلائع الاسلامية على عاتقها عبء حمل القضية المصيرية إخلاصا و عزما و بذلة ... و على عاتقها عبء خدمة القضية المصيرية تخطيطا و عملا وجهادا و لذا فلن يكون الحديث سردا تاريخيا بل مناقشة موضوعية لحقائق تاريخية يستبين منها حقنا التاريخي الكابت في فلسطين و تتضح بها المعالم الحقيقية للواقع الحالي و القوى المؤثرة فيه و الاحتمالات المترتبة عليه .. بالصورة الاسلامية الحية التي يجب أن تترسخ في اعماق الطلائع الاسلامية الرائدة في اعماق الامة بكاملها و تهز وجدانها و تؤثر في تفكيرها و تفجر طاقاتها ... لتستطيع من بعد التأثير في مجرى الاحداث و صناعة التاريخ و هي تمضي في طريق تجسيد الاسلام الحق في كل مجال من مجالات الحياة يتحدث اليهود عن تاريخ فلسطين فلا يرون فيه الا بضع مئات من الاعوام كان ليهود الامس خلالها وجود جزئي في فلسطين لم يتخذ صبغة " دولة " الا لمدة لم تصل الاربعين عاما و اندثر هذا الوجود دون أن يترك اثر واجدا في فلسطين و لكنهم يصورون كل ما قبله و ما يعده من تاريخها كانه مندثر مندثر لا قيمة له .
و يتحدث انصار اليهود من الصلبيين في أنحاء العالم عن تاريخ فلسطين بصورة مشابهة واسلوب مماثل لاسباب و مصالح عديدة و قد يزيدون على ذلك ذكر الغزوة الصليبية القديمة و الحديثة و ما للنصارى من وجود جزئي في فلسطين ماضية و حاضره و يتحدث انصار اليهود من الشيوعيين المحليين و الدوليين عن فلسطين على اختلاف معهم في اهداف مرحلية كمسرح الصراع الطبقي المادي فلا يتعرضون للقضية الا من هذه الزاوية و لا اهداف لهم فيها الا في هذا الاطار و يتحدث المتخاذلون في بلادنا امام اليهود عن فلسطين و كأنما مسخ تاريخها الطويل في الثلاثين عاما الاخيرة لا يتجاوزونها الا نادرا و اذا فعلوا فلا يصلون الى ابعد من تاريخ تأسيس الحركة الصهيونية في نهاية القرن الميلادي الماضي كأنما انحصر تاريخ القضية في تاريخ الصهيونية العالمية و اذا استشهدوا بتاريخ الاسلام في فلسطين كان استشهادهم مشوها مزيفا يستهدف تبرير غايات و مصالح و خطوات بعيدة كل البعد عن اصل القضية متنكرة كل التنكر لها .
أما المسلمون اصحاب القضية فمقصرون في حقهها و هذا أدنى ما يجب الاقرار به اولا لتجاوزه و التخلص منه في المستقبل .
و لا ينبغي لكاتب اسلامي أن يتناول قضية فلسطين منفصلة عن القضية الاسلامية الكبرى أو أن يعالج جزئية من جزئياتها بسبب ظروفه الخاصة أو ظروف الواقع من حوله و هو يصور تلك الجزئية و كأنها كامل القضية و يصور موقفه منها و كأنها الموقف الاسلامي الاصيل من مجموع الواقع بل لا بد من الكاتب الاسلامي الذي يتعرض للقضية واضعا في اعتباره أنها جزء من مجموع القضية الاسلامية الاصلية في هذا العمر اذا تحدث عن بعض جوانبها فلا يغفل عن الجوانب الاخرى و اذا كتب نبعث كلماته من اعماق وجدانه لتؤثر في وجدان قارئه و التزمت الموضوعية لترسيم معالم سليمة في اتجاه التطور السليم للعمل من اجل القضية و لا يمكن ان يتضمن الكاتب الاسلامي عن القضية و تاريخها اكثر من بعض الحقائق التاريخية الاساسية و المعالم الواقعية الرئيسية و اللمسات الوجدانية العميقة و يبقى بعد ذلك واجب اسلامي على كل فرد من الطلائع الاسلامية ان يبذل جهدا فرديا يبدأ فيه بالتعريف بنفسه على تاريخ قضية وواقعها و هو نص عينيه الاستعداد التام للشهادة على طريق الجهاد من اجلها و نقص الكتاب الاسلامي يبرز الحاجة الماسة الى من يخصص جهدا اكبر ، جهدا مبدعا لتعويض المكتبة الاسلامية عما ينقصها في هذا المجال و القضية حاجة الى غير هذا وذاك في حاجة الى العرض التاريخي الموضوعي الامين الى القلم المتأثر بالاحداث المفجعة المعاصر يكتب و صاحبة يدرك كل الادراك أبعادها و ما وراءها و الاحتمالات المترتبة عليه في المستبقلو يضع في حسابه ما قد تؤدي اليه كلمة الحق الصائبة المخلصة التابعة من عوائب او تقتضيه من تضحية مقابل ما تتركبه من تأثير في حياة الجبل فليذكر السائل ان صلاح الدين الايوبي ما وجد نفسه على بداية الطريق الى المسجد الاقصى في القدس الا عندما أصبحت قضية الاستعمار الصليبي للقدس شغله الشاغل ليلا و نهارا وهمه الدائم في يقتضيه و مضجعه .. كذلك فمن يخدم القضية اليوم لن يستطيع تقديم ثمرة لخدماته مالم تصبح القضية شغله الشاغل ليلا و نهارا و همه الدائم في يقظته و مضجعه .. و لا شك ان أحداث القضية المفجعة من الاهمية و القدرة على التأثير بما يكفي انما نحتاج الى من اصبح الاسلام متجسدا فيه بالمستوى الذي يجعله يتأثر بتلك الاحداث تأثير وجدانها عميقا محركا فان توفرت له المعطيات اللازمة أمكن ان يقدم للقضية خدمة جلي تحتاج اليها و يحتاج اليها الاسلام و المسلمون في هذا العصر حاجة ماسة و من ذلك الكتاب الاسلامي عن قضية فلسطين .
و لئن كانت واجبات المسلم الداعية اليوم كثيرة كبيرة في اطار قضية الشاملة فلا ينبغي ان يقتصر ما يؤديه لهذا الجزء منها الخاص بفلسطين بالذات على الانفعال باحداثها مرة بعد اخرى ا وان تقتصر به الحماسة على المطالبة فاقصى المطالب باعلى صوت و ان تتحقق باسرع وقت دون ان يكون هو بالذات جزءا من التخطيط الشامل السليم و منبعا من منابع الجهد الدائب المستثمر في العمل الاسلامي .
و في تاريخ فلسطين وقضية الكثير الكثير مما يحتاج الى الايضاح و الى التثبيت في الاذهان ،و الضمائر بالكلمة، و المحاضرة، و الندوة ،و الكتاب و القصة ، و القصيدة ...و باستطاعتنا تناول قضية فلسطين في هذا كله من وجوه عديدة ينجلي بها الحق الاصيل و يستبين : حقنا في فلسطين حق ديني تاريخي بشرى ، حضاري قانوني دولي حقنا في فلسطين حق ثابت مهما بدا واقع المسلمين في ظاهره مدعاة ياءس ، او بدأ واقع يهود الارض اليوم مبررا لدى البعض على طريق الاستسلام و الخضوع و ميزان التاريخ يؤكد ان مصير مساعي يهود اليوم الى الفشل دون ريب و يؤكد ان مصير مساعي التسليم لهم بالباطل الى الفشل دون ريب .
و يؤكد ان الموقف الاسلامي الاصيل في قضية اثقل في تأثيره و نتائجه مما يحبه الواهمون بالقدرة على القضاء عليه او تزييفه .و عرض تاريخ القضية واجب اسلامي على الطلائع الاسلامية لاغنى عن القيام به ،بعد ان غابت هذه الوجوه او غاب معظمها عن الاذهان حتى في وعي الداعية المسلم احيانا بفعل ما بذله اعداء الاسلام و بفعل تقصير المسلمين عن الجهاد بالكلمة و العمل على السواء ..
( فلا تطع الكافرين و جاهدهم به ، جهادا كبيرا )
(و جاهدوا في الله حق جهاده )
( و الذين جاهدوا فينا لنهد ينهم سبلنا )
(ومن جاهد فانما يجاهد لنفسه ان الله لغني عن العالمين )