مدرّس التربية الإسلامية في فلسطين؟!

الشهيد محمد كامل الجعبري نموذجاً

يدرّس مدرّس التربية الإسلامية تعاليم دين الرحمة والمحبة والسلام، دين الاخوّة والعلاقة الطيبة بين الناس والاحترام والتفاهم والمودّة والحوار وجادلهم بالتي هي أحسن وتعالوا الى كلمة سواء بيننا، وقولوا للناس حسنا، وايصال رسالة الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، هذه القيم العالية والروح الجميلة لا بدّ من إرساء قواعدها، وإحسان زراعتها في قلوب التلاميذ.

 ولكنّ هذا المدرّس ذاته يجد طلابه ومجتمع طلابه تحت سياط احتلا ل لا يعرف للرحمة سبيلا ولا يقيم للقيم الإنسانية أيّ اعتبار، يتوحّش ويتغوّل ويقمع وينكّل ويقتل بدم بارد الأطفال والمسالمين دون أن يطرف له جفن، يستوطن ويصادر ما وقعت عليه يده من أرض وينتهك حرمة المقدّسات ويعيث في الأرض كلّ أشكال الفساد ويريد للفلسطيني أن يكون مسلوب الإرادة والحرية والكرامة والسيادة، مجرّد كائن حي من الكائنات التي سخّرها الربّ لخدمة شعب الله المختار. 

وينحاز مدرّس التربية الإسلامية في فلسطين الى حريّة شعبه من هذا الاحتلا ل البغيض، إذ كيف يدرّس عقيدة التوحيد التي تريد للإنسان أن لا يعبد أحدا الا الله، فلا يخضع لسلطان أحد ولا يذلّ ويتبع ويرضى لكائن من كان يريد أن يسلب كرامته ويمنعه من سيادته على نفسه ووطنه ومقدّساته، فتوحيد الله يعني التحرّر من سواه فلا ترضى عقيدة الايمان لشعب موحّد أن يرزخ تحت حكم احتلال أو استعمار بل هي سيادة كاملة لله وحده وبالتالي فإن عقيدة التوحيد والحريّة صنوان لا يفترقان أبدا.  

ويرى مدرّس التربية الإسلامية أن العبادة ما كانت الا لتنتج الانسان الحرّ، فالذي ينحني في ركوعه وسجوده لله لا يمكن أن ينحني لغير الله أبدا، فالعبادة عملية تدريبية على الحريّة الكاملة غير المنقوصة وعلى التحرّر الدائم عبر محطات تعزيز هذا التحرّر من خلال الصلوات الخمس كلّ يوم، وشهر رمضان كلّ سنة، والحج حيث البراءة التامة من الشرك والظلم وقهر العباد، الى حيث ممارسة الحرية الكاملة من أعماق القلوب والضمائر كي تكون شعوبا حرّة لا تتعايش بأي شكل من الاشكال مع طبائع الاستبداد والاحتلال وقبول العدوان كبيره أو حقيره وفي أيّ حال من الأحوال. 

ويرى مدرس التربية الإسلامية في فلسطين أن عليه أن يكون قدوة أمام طلابه فتراه لا بفوّت فرصة في التعبير عن حريّة شعبه الا ويهتبلها، فلا يعقل أن يلقي محاضراته الاكاديميّة والنظرية التي تربط العقيدة والعبادة بثمراتها العظيمة من حرية وسيادة وقوّة وعزّة وكرامة وبأس شديد على الأعداء، ثم لا تراه في مواطن النصرة في ميادين القضية الفلسطينية: نصرة الاسر ى والمقدّسات ومكافحة الظلم والعدوان بكلّ أشكاله التي يمارسها الاحتلا ل على شعبه، فهو الانسان الحيويّ الواعي والمعجون بقضايا شعبه وأمته، المتّقد حرقة وعزّة والمحرّك لذاته وغيره والمتواجد في مقدمة الصفوف حيث مراد شعبه والقوى الحيّة التي تُبقي القضية الفلسطينية على صفيح ساخن يغيظ الاحتلا ل والشيطان، فهو من المحرّكات القوية للقوى الكامنة في أعماق هذا الشعب الحرّ الأبيّ وهو خميرة الثورة التي عليها ينهض الناس ويتحرّكون نحو النصر وصناعة جيل النصر والتحرير القادم لا محالة بإذن الله. 

قد نكون بذلك قد عرفنا لماذا توّج مدرّس التربية الإسلامية محمد كامل الجعبري مسيرته في سلك التعليم بهذا العمل البطولي الفريد.