مترجم: كيف يقود نتنياهو ورفاقه إسرائيل إلى الهاوية؟
24 يوليو 2025
نشرت صحيفة معاريف الإسرائيلية مقالا للعميد الإسرائيلي المتقاعد يتسحاق بريك، حمّل فيها رئاسة الحكومة ووزير الدفاع ورئيس الأركان مسؤولية الفشل الذريع في إدارة الحرب. ناقدا سلوك "الثلاثي" الذي يقود الجيش الإسرائيلي إلى الموت بلا هدف واضح، مدّعيا العناية بسلامة الجنود بينما يواصل العبث بمصير الدولة لخدمة أجندات سياسية ضيّقة.
في خضم الحرب العنيفة مع حماس، تتجلّى اليوم بشكل صارخ مأساة القيادة الإسرائيلية التي تفتقر لرؤية عسكرية ناضجة. في حين أُسرف في الخطابات البراقة عن "انتصار عاجل"، ولكن الواقع الميداني ينفي هذه الإدعاءات. بعد أشهر من المعارك والدمار، لم يتحقق أي هدف من الأهداف المعلنة للحرب سوى قتل آلاف المدنيين الفلسطينيين وتحقيق دمار هائل في المنشآت المدنية، فيما تستمر حركة حماس في تنظيم صفوفها داخل القطاع وتهديد المستوطنات. أين الانتصار المزعوم إذًا؟ ففي الوقت الذي ترفع فيه الأرقام الرسمية خسائر فادحة للجيش الإسرائيلي، تبقى الحقيقة حول هول الفشل السياسي والعسكري مدفونة خلف شعارات إعلامية فارغة.
بعد أشهر من المعارك والدمار، لم يتحقق أي هدف من الأهداف المعلنة للحرب سوى قتل آلاف المدنيين الفلسطينيين وتحقيق دمار هائل في المنشآت المدنية، فيما تستمر حركة حماس في تنظيم صفوفها داخل القطاع وتهديد المستوطنات.
وجاء في مقال بريك، "لقد دفعنا بالفعل ثمنا باهظا، قتلى وجرحى الجيش في تزايد دائم، والمجتمع الدولي يترقب المزيد من الإخفاقات. ورغم ذلك، يظهر الثلاثي السياسي والعسكري وكأنه يدير مسرحية هزلية، يلوّح بعصاه فوق كومة الأنقاض على أنها نصر، ولا يحرك ساكنا تجاه الخطة الكارثية التي أدت لهذا المصير. كيف سيصمت ضميرنا ونحن نراقب جيشنا يئنّ تحت وطأة قرارات بلا جدوى؟"
إن المصلحة الشخصية كانت الأساس في القرارات السياسية والعسكرية للحكومة الحالية. إذ شكّل البقاء في السلطة الهوس الحقيقي الذي دفع الحكومة لخوض حرب في غزة، كما استغل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الحرب لطمس فضائح الداخل وتعزيز مكانته الانتخابية. أما الهدف الخفي فتمثل في إرضاء اليمين المتطرف وإظهار واجهة قوية. وكل خطاب مغلف بالبطولة كان يخفي حسابات انتخابية ضيّقة.
شكّل البقاء في السلطة الهوس الحقيقي الذي دفع الحكومة لخوض حرب في غزة، كما استغل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الحرب لطمس فضائح الداخل وتعزيز مكانته الانتخابية.
وصف بريك رئيس الحكومة الإسرائيلية بأنه صاحب أجندة ضيّقة ومتصلبة، متهما إياه بتقديم مصالحه الشخصية على مصلحة وطنه، من خلال مساعيه لإقصاء خصومه السياسيين، واستبداله النقاش السياسي بالعنف على الحدود. أما وزير الدفاع فقد انشغل بالتصريحات والصراعات السياسية الداخلية، وأضحى يظهر نشيطًا فقط عندما تُثار أزمة حكومية. وكل ذلك، بحسب بريك، يؤدي إلى نتيجة واحدة: أمن إسرائيل أصبح ضحية أوهامهم ومصالحهم الضيقة.
تحت وطأة الأداء الكارثي، بدأت أركان المؤسسة الأمنية تنهار من الداخل. فالجيش بات اليوم مصدر قلق وخيبة أمل. فقد انكشف زيف الكثير من الادعاءات عن نجاحات عسكرية مزعومة – من تدمير الأنفاق إلى الانتصارات الميدانية – وأصبحت مجرد أوهام لا أساس لها، يُكتشف زيفها في كل يوم.
فالجيش بات اليوم مصدر قلق وخيبة أمل. فقد انكشف زيف الكثير من الادعاءات عن نجاحات عسكرية مزعومة – من تدمير الأنفاق إلى الانتصارات الميدانية – وأصبحت مجرد أوهام لا أساس لها، يُكتشف زيفها في كل يوم.
فضلا عن التصدّع بين القادة العسكريين والسياسيين، إذ يصرّح رئيس الأركان باستمرار عن صراعاته مع القيادة السياسية حول الأولويات والخطط، فيما يستمر الجيش في حملات استنزاف بلا نهاية. لقد ذهبت ثقة الجنود في جهازهم الأمني أدراج الرياح، بعدما شعروا بأن قيادتهم السياسية تجيد الخطابات البراقة لكنها تفتقر إلى القرارات الحاسمة. وعلاوة على ذلك، لا توجد حتى خطة واضحة لما بعد الحرب، في اعتراف صريح بالفشل المؤسسي. إن التخبّط على الجبهات المختلفة يظهر مدى تردّي الإمكانات، وحجم المسؤولية على عاتق القيادة.
فضلا عن التصدّع بين القادة العسكريين والسياسيين، إذ يصرّح رئيس الأركان باستمرار عن صراعاته مع القيادة السياسية حول الأولويات والخطط، فيما يستمر الجيش في حملات استنزاف بلا نهاية.
يرى الكاتب أن استمرار التدهور على مختلف الجبهات يفرض تغييرا جذريا يبدأ بإعادة تشكيل القيادة العليا، من خلال محاسبة كل من أخفق واستبداله بقيادات ميدانية ذات خبرة حقيقية، بعيدا عن الحسابات الحزبية والتسييس. كما يدعو إلى تشكيل حكومة طوارئ تضع على رأس أولوياتها حماية الأرواح وتحرير الأسرى الإسرائيليين، بعد أن باتت خسائر الحرب عبئا سياسيا وعسكريا لا يمكن تغطيته بالشعارات. ويشدد على ضرورة التخلي عن الخطابات الفارغة والوعود الخيالية، والانتقال إلى استراتيجية واقعية قابلة للتنفيذ، في ظل عجز الآلة العسكرية عن حسم المواجهة. ويضيف "إسرائيل اليوم في مأزق لا يحتمل مزيدا من الأوهام، وكل تأجيل للإصلاحات هو هدية مجانية للمقاومة التي أثبتت قدرتها على استنزاف الاحتلال وتحقيق مكاسب على الأرض".