محي الدين نجم: شهيد الإهمال الطبي في سجون الاحتلال
14 يوليو 2025
في صباح الرابع من مايو/أيار 2025، دوّى خبر استشهاد الأسير الفلسطيني محيي الدين فهمي سعيد نجم (60 عاما) من بلدة سيريس جنوب جنين، داخل مستشفى "سوروكا" الإسرائيلي، ليضاف اسمه إلى قائمة طويلة من شهداء الحركة الأسيرة الذين قضوا نتيجة سياسة الإهمال الطبي المتعمد في سجون الاحتلال.

ارتبط اسم محيي الدين نجم بالمقاومة الفلسطينية منذ انتفاضة الحجارة، حيث التحق مبكرا بحركة حماس، وكان من الفاعلين في بلدته. اعتقلته قوات الاحتلال لأول مرة عام 1994 أثناء سفر والديه للحج، ليواجه حكما بالسجن 18 عاما بتهمة تنفيذ أعمال مقاومة، قضى منها 17 عاما متنقلا بين السجون، قبل الإفراج عنه نهاية 2010، وهو يحمل في جسده شظايا إصابات قديمة خضع لجراحة جزئية لإزالتها في مستشفى "سوروكا" ذاته.
قضى الشهيد الأسير نجم 17 عاما متنقلا بين السجون، قبل الإفراج عنه نهاية 2010، وهو يحمل في جسده شظايا إصابات قديمة.
بعد أكثر من عقد على خروج نجم من سجون الاحتلال، أعيد اعتقاله إداريا في أغسطس 2023، وهو في كامل صحته، ليواجه من جديد آلة القمع الإسرائيلية داخل سجن النقب سيئ الصيت.

عانى نجم خلال اعتقاله الأخير من أمراض مزمنة، وسط حرمان تام من العلاج والرعاية الطبية. في مارس/آذار 2025، رصد تدهور حاد في حالته الصحية داخل سجن النقب، حيث لم يعد يقوى على الحركة إلا بمساعدة زملائه. رغم ذلك، لم يتلق العلاج المناسب، بل نُقل إلى المستشفى دون إبلاغه بتفاصيل إصابته، ليفارق الحياة تحت وطأة الإهمال المتعمد، في مشهد يتكرر مع مئات الأسرى الفلسطينيين.
يعكس انتشار الأمراض المعدية مثل الجرب في سجن النقب، وتحويلها إلى أداة إضافية من أدوات الإهمال الطبي، حجم الانتهاكات بحق الأسرى، إذ تحولت السجون إلى بيئة خصبة للأمراض والقتل البطيء، في ظل غياب الرقابة الدولية الفاعلة.
أثارت وفاة نجم موجة إدانات واسعة في الساحة الفلسطينية؛ إذ وصفتها حركة "فتح" بأنها "جريمة إعدام مكتملة الأركان" ارتكبتها إدارة السجون بدم بارد، فيما أكدت حركة "حماس" أن استمرار انتهاكات الاحتلال لن يمر دون رد. من جانبها، حذرت هيئات حقوقية فلسطينية ودولية من أن سياسة الإهمال الطبي باتت سلاحا تستخدمه سلطات الاحتلال ضد الأسرى، مطالبة بتدخل دولي عاجل ومحاسبة قادة الاحتلال على الجرائم المنظمة بحق المعتقلين.
استخدام المرض كسلاح لكسر إرادة الأسرى، وفرض واقع من القهر الجسدي والنفسي عليهم.
لا تقتصر سياسة الإهمال الطبي في سجون الاحتلال على الحرمان من العلاج، بل تتعداها إلى استخدام المرض كسلاح لكسر إرادة الأسرى، وفرض واقع من القهر الجسدي والنفسي عليهم. توثّق المؤسسات الحقوقية شهادات متكررة حول حرمان الأسرى من الأدوية، وتأخير نقل الحالات الحرجة، وغياب الرعاية المتخصصة، ما يجعل السجون الإسرائيلية بيئة خصبة لتفشي الأمراض والأوبئة، ويحوّل كل حالة مرضية إلى تهديد وجودي للأسير.
تتزامن هذه السياسات مع تصعيد غير مسبوق منذ حرب أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث ارتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة بوتيرة خطيرة، وسط صمت دولي وعجز المؤسسات الحقوقية عن ردع الانتهاكات الإسرائيلية.
منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، استشهد 66 أسيراً منهم 40 من قطاع غزة.
وحتى مطلع يوليو/ تموز 2025، بلغ عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال نحو 10,800 أسير، بينهم 3,629 معتقلا إداريا بلا تهم، و50 أسيرة، وأكثر من 450 طفلا. من بين هؤلاء الأسرى يعاني نحو 5 آلاف أسير من أوضاع صحية خطيرة محرومين من الرعاية الطبية اللازمة. ومنذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، استشهد 66 أسيراً منهم 40 من قطاع غزة. فيما بلغ إجمالي شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967 نحو 303 شهداء. كما تحتجز سلطات الاحتلال رفات 75 أسيرا استشهدوا في سجونها. منهم 64 خلال العدوان الأخير، دون تسليمها لذويهم.
تعكس الأرقام تصاعدا خطيرا في أعداد الأسرى وظروف اعتقالهم، خصوصا مع تزايد الاعتقال الإداري والاعتداءات التي تستهدف صحة وحياة الأسرى.