نكسة حزيران: الهزيمة المُرة
13 يوليو 2025
أسوأ ما في الاحتلال، أنّ ضرره لا يقتصر على مظاهر الاحتلال المادية من نهب للأراضي و قتل للشعوب، بل يتعدى ذلك ليشتت وعي الشعوب المحتلة، بحيث تصبح عاجزة عن إدراك مواطن الخلل و نقاط الضعف الحقيقية، التي يتسلل من خلالها المحتل لاحتلال هذا الشعب.
ولأن المحتل الصهيوني معروف بقدرته الدعائية و الإعلامية في تأثيره على الشعب، فقد تمكن من زرع جملة من أسباب الاحتلال الوهمية التي سوَّق لها على أنها الأسباب الحقيقية التي تمكن احتلالنا من خلالها. فهو يريد منا أن نرى الصورة مجتزأة، لا أن نراها كاملة واضحة معروفة الحدود معلومة الجوانب.
ومن ذلك، ما زلنا عند تعيين أسباب نهاية ثورة 1935 بقيادة الشيخ القسام، بالشكل الذي انتهت به، نلقي باللّوم على أحد المقاتلين الذي خالف أوامر إطلاق النار و بادر من تلقاء نفسه. وفي هذا قصور لرؤيتنا لأي حالة تقييم لكل ما يتعلق بشؤوننا الفلسطينية.

فالنكسة الفلسطينية جاءت كنتيجة لتأخرنا في إدراك الشعور بالخطر، و من ثم الهزيمة لاحقا. إذ انشغلنا بعيوب غيرنا من تقصير الدول العربية والأمة الإسلامية، عن إبصار عيوبنا التي قادتنا إلى ما نحن فيه، ومن لم ير عيوبه فسيبقى مراوحا مكانه. حتى أننا غفلنا عن أسباب نشوء المجتمعات وانهيارها، وعن قوانين القرآن الربانية في التغيير. (ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۙ).
فالنكسة لم تأت على شعب معافى في نظامه، وسليم في اقتصاده ونخبته السياسية/ لنتمكن من إلقاء اللوم على غيرنا. فالفقر أنهك الناس بين ضرورات العائلة ومتطلبات الإقطاعي الانتهازية.
فالنكسة الفلسطينية جاءت كنتيجة لتأخرنا في إدراك الشعور بالخطر، و من ثم الهزيمة لاحق.
والنخبة إما عائلية ذات مطامع ومطامح، أضاعت المصلحة الوطنية على حساب مصالحها الخاصة، وإما نخبة جماهيرية وعظيه، تصدرت الحديث عن هموم الشعب وتطلعاته عبر امتلاكها للقدرة الخطابية، مفتقدة لمقومات الممارسة السياسية ولإمكانيات حشد طاقات الشعب وتوزيعها.
فأعطاها الشعب ثقته في إدارة القضية وشؤونه السياسية والعسكرية، حتى وجد العصابات الصهيونية أمام منزله تفجر البيوت وتقتل الأطفال وترتكب أبشع المجازر فيها.
إذا علينا أن نتفق، أنه كلما زاد وعي الشعب بشكل عام زاد مقدار شعوره بالخطر المحدق حوله، فالشعور تابع للإدراك، والانسان بطبعه يشعر بالخوف مما يستطيع إدراك شره. والتحرك ضد الخطر، هو نتيجة للشعور به تبعا لإدراكه. والنكسة جاءت بعد تخطيط سنوات من طرف الصهيونية على شعب جاء شعوره بالقلق من (أولاد الميتة) - على حد وصف الفلسطيني للمستوطن في بداية استيطانه - متأخرا.