الأناشيد الوطنية الفلسطينية: فتيل الثورة وزاد الثوّار
19 مايو 2025
تلعب الأغنية الوطنية والنشيد الهادف الملتزم دورا مهما في تشكيل الوعي الوطني للشعوب والأمم، وتعتبر من المكونات الثقافية للشعوب، كما تساهم في نقل تصورات الحركات الاجتماعية إلى عامة الناس بطريقة أقل تعقيدا. وترتبط الأغنية الوطنية ارتباطا وثيقا بظهور مفهوم الوطن والقومية. وبهذا الشكل، تطور حديث يرتبط بتكوين الدولة الوطنية، وضرورة صنع مخيلات قومية، يلعب التعليم والأغنية والموسيقى والأدب أهم عوامل ترسيخها في الوجدان الشعبي.

دخلت الأغنية والنشيد الوطني إلى القضية الفلسطينية، فعملت على تعبئة الشعب الفلسطيني وتحريضه ضد الاحتلال الإسرائيلي على مدار تاريخه، وكان النضال بالأغنية والفن لا يقل عن النضال بالسلاح، ليساهم في تشكيل الوعي لدى الفلسطينيينن. وأصبحت هذه الأغنية، بعد أن كانت تخاطب الشعب الفلسطيني فقط بداية الاحتلال في منتصف القرن الماضي، أصبحت تخاطب العالم، وتحمل رسالة كل الشعوب وأحرار الأرض. واستحالت بفعل العلاقة القائمة بين الفنان وواقعه أولا، ثم بفعل الاحتلال، إلى واحدة من علامات الهوية الفلسطينية.
واستحالت بفعل العلاقة القائمة بين الفنان وواقعه أولا، ثم بفعل الاحتلال، إلى واحدة من علامات الهوية الفلسطينية.
الأغنية الوطنية كان لها دور كبير منذ بداية الثورة، حيث حملت رسالة تعزيز الوعي الجماهيري، وتعزيز نفسية المقاتلين في الثغور المختلفة، وكانت دائما تحاول أن تعيد البوصلة، وتؤكد الانتماء إلى الوطن.
ويعج الفلكلور الشعبي الفلسطيني بكم هائل من الإبداعات الشعرية والحرفية وأساليب التعبير المختلفة، وأساليب العيش واللباس وألوان الدبكات والرقصات والعادات والتقاليد، ليعطي عبر هذا المخزون العريق الصورة الواضحة التي تقف سدا منيعا في وجه الغزو الإحلالي الذي يحاول طمس تاريخ الشعب الفلسطيني، وسرقة كل الأدلة التاريخية التي تدل على الحق الفلسطيني لينسبها إلى قلة منبوذة غازية ململمة من كافة أنحاء العالم، ليخلق لها تاريخا مزيفا يستطيع بموجبه زراعتها في أرض غريبة عنها، ليجعل لها ارتباطا بيئيا تستطيع الاعتماد عليه للانتشار في كافة أوصال الوطن العربي والإسلامي.
نحن في فلسطين معنيون أكثر من غيرنا بالحفاظ عليه وتدوينه ودراسته وتحليله ونشره؛ لأن التجزئة والعولمة والتغريب تعد عواصف تلعب دورا نشيطا في طمس الشخصية الوطنية الفلسطينية ومحوها.
ويشكل الفلكلور الفلسطيني أحد دعائم الثقافة الوطنية. ونحن في فلسطين معنيون أكثر من غيرنا بالحفاظ عليه وتدوينه ودراسته وتحليله ونشره؛ لأن التجزئة والعولمة والتغريب تعد عواصف تلعب دورا نشيطا في طمس الشخصية الوطنية الفلسطينية ومحوها. كما تنبع الخصوصية الفلسطينية في الحفاظ على التراث من ما تتعرض له فلسطين من تهويد طال كل جوانب الحياة؛ فتعرضت أسماء الأماكن والشوارع للتحريف، واللغة للتغيير، والزي الشعبي للسرقة، والأماكن الدينية التاريخية للهدم والتخريب، وغير ذلك الكثير[1].
منذ ظهور الحركات الإسلامية وتحديدا الإخوان المسلمين برز مفهوم النشيد الإسلامي، وبرز استخدام هذا الأسلوب من النشيد في القضايا المختلفة، وكانت فلسطين أحد أهم أركان النشيد الإسلامي فظهرت الآلاف من الأناشيد التي تناولت فلسطين وقضيتها، ومع ظهور الكتلة الإسلامية في الجامعات الفلسطينية، وما تبعها من انطلاق حركة المقاومة الإسلامية حماس، زاد الاهتمام بالنشيد الإسلامي وبرزت مكانته أكثر وأكثر، حتى أن الجامعات الفلسطينية كانت تُنظم مهرجانات للنشيد الإسلامي ( مهرجان النشيد الإسلامي في جامعة النجاح).

لقد لعب النشيد الإسلامي مجموعة من الأدوار، ولعل أهمها التعبئة ضد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وخلق حالة رفض وتحدي لهذا الاحتلال، كما ساهم بالتنشئة السياسية عند الحركات الإسلامية في فلسطين وشكل وسيلة لإيصا أفكارها بطريقة سهلة ومقبولة، فضلا عن تقوية الروح الدينية وغرس الفضائل الدينية والوطنية، ناهيك عن دور الأنشودة في تأريخ وتوثيق الفعل المقاوم في فلسطين.
تناول النشيد الإسلامي ثوابت وأركان القضية الفلسطينية، من قضية القدس والمسجد الأقصى، والشهداء، والأسرى في سجون الاحتلال، الجرحى والمصابين، اللاجئين وحق العود، حتى تمجيد المقاومة.
[1] مركز المعلومات الوطني الفلسطيني https://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=9014