لماذا على الفلسطيني أن يقرأ التاريخ؟!
12 يونيو 2025
قراءة التاريخ على الرغم من أهميتها الكبيرة إلا أننا نجد معظم الناس لا يفضلون هذا النوع من القراءة، بسبب الاعتقاد الخاطئ أنّ قراءة التاريخ مملة إلى درجة كبيرة، ويمكن القول أن هذا التصور عن قراءة الأحداث والأعمال التاريخية نابع من عدم إدراك الكثير لضرورة فهم حقل معرفي لا يقل أهمية عن أي حقول علمية ومعرفية أخرى.
الشعب الفلسطيني لديه خصوصية مع التاريخ، فقضيته تقوم على أحداث تاريخية تسطر واقعه إالى الآن.
الإلمام بالتاريخ ولا سيما تاريخ القضية الفلسطينية ينبغي أن يكون نقطة انطلاق لدى الشعب الفلسطيني لإحياء وتجديد الوعي بالهوية الفلسطينية المغيبة، فحروب التحرير من براثن قوى الاحتلال لم تكن لتتحقق إلا من خلال إشعال جذوة الهوية الوطنية، وهذا لا يُتصور حصوله إلا من خلال إحياء تاريخ القضايا الوطنية عند شعوب أهلها، وسأذكر هنا لماذا من المهم مطالعة التاريخ ودراسة تفاصيله:

المجتمعات اليوم لديها هوس حول ما يحصل بشكل يومي، حيث إنّ البشر من غير وعي ينحازون للحاضر، عالم الأخبار اليوم يصب تركيزه على القوى الفاعلة في العالم بحيث لا تتجاوز نشاطاته الإخبارية عن دقائق أو ساعات قد مرت، مع أنّ كثيراً من الأمور التي قد تساعدنا في معالجة مشاكلنا وتقديم الحلول لنا مثل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، تقع ضمن فترات طال عليها الزمن أي بكلمات أخرى تقع تحت إطار التاريخ.
نحن لسنا بحاجة إلى مجرد أخبار، ما نحتاجه حقاً هي الأفكار الجيدة، ويمكن القول أن التاريخ مليء بهذه الأفكار
نحن لسنا بحاجة إلى مجرد أخبار، ما نحتاجه حقاً هي الأفكار الجيدة، ويمكن القول أن التاريخ مليء بهذه الأفكار، إنّ عدم رضاك على واقع الاقتصاد الفلسطيني غير كاف، فإذا عدت في التاريخ إلى الوراء ستفهم كيف وصلنا الى هذه المرحلة من العجز الاقتصادي التام.
قد يهمك قراءة أمور مرتبطة بهذا الموضوع مثل تاريخ فلسطين في التجارة والزراعة، واتفاقية باريس الاقتصادية التي ربطت اقتصادنا بالاحتلال، وحرب 1948 وما نتج عنها من خسارة معظم الأراضي الفلسطينية، وتاريخ توسع الاستيطان وما نجم عنه من تقلص الأراضي الزراعية، وتاريخ الاتفاقيات الدولية التي حولت قضيتنا من قضية حول الأرض الى قضية مساعدات إنسانية.
أنا لا أحاول نفي خصوصية القضية الفلسطينية عند الإنسان الفلسطيني، الطبيعي لصاحب القضية أن يشعر بخصوصية قضيته، لكن المشكلة أحيانا أنّ كثيراً من الناس يبالغون في التصور الاستثنائي لقضيتهم، الأمر الذي يجعلهم عرضة للوقوع في المغالطات والخرافات.
فلو أردتُ مقاربة ذلك في مثال، هناك الكثير من الفلسطينيين يربطون قضيتنا بعودة المهدي المنتظر، بهذه النظرة الاستثنائية نجبر أنفسنا على الكسل والخضوع و قبول الواقع الذي نعيشه، مع أن ما ورد عن المهدي المنتظر لا يوحي على الإطلاق بقيام اليهود بفرض سيطرتهم على فلسطين. ما أريد الوصول له أن قراءة التاريخ تواسي الشعوب المضطهدة وتساعدهم بالعيش على الأمل وإمكانية التغيير.
أنا لا أحب مقولة أن الذي لا يعرف التاريخ محكوم عليه بتكراره، فهذه العبارة توحي أن التاريخ قائم فقط على الأخطاء، ومن الأفضل القول إن الذي لا يعرف التاريخ لن يكون قادراً على تحسين حاضره، فيجب أن نتعامل في المستقبل مع التاريخ بالطريقة التي يتعامل بها الطبيب مع الأدوية، ففي البداية يجب تشخيص المرض لمعرفة ما نعاني منه وأيضا لمعرفة جذور المرض، و بعدها نرى الأسباب خلف فشل بعض الادوية في علاج المرض، و في النهاية نقرر ما هو الدواء الأمثل للمرض.